للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنها طهارة عذر وضرورة فتقيدت بالوقت لأنه موضع الضرورة بخلاف ما قبله.

فإن قيل: إن خرج منها الدم بعد الوضوء.

قيل: إن خرج لتفريط في الشدّ أعادت الوضوء لأنه حدثٌ أمكن التحرز منه، وإن خرج لغير تفريط فلا شيء عليها؛ لما روت عائشة قالت: «اعتكفتْ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي» (١) رواه البخاري.

ولأنه لا يمكن التحرز منه فسقط.

وأما كونها تصلي ما شاءت من الصلوات؛ فلأنها متطهرة أشبهت المتيمم.

ولا بد أن يُلحظ في ذلك بقاء الوقت. فإن خرج وقت الصلاة الذي توضأت المستحاضة فيه لم يكن لها أن تصلي شيئًا لأن طهارتها تبطل بخروج الوقت لما تقدم من أنها طهارة ضرورة.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «توضئي لوقت كل صلاة» (٢).

ولا بد أن يُلحظ استمرار دمها فإن انقطع دمها بعد أن توضأت فإن كان عادتها انقطاعه في وقت لا تتسع للصلاة لم تؤثر لأنه يمكن الصلاة فيه، وإن لم يكن لها عادة أو كان عادتها انقطاعه مدة طويلة لزمها استئناف الوضوء، وإن كان في الصلاة بطلت لأن العفو عن الوضوء ضرورة جريان الدم فيزول بزواله.

وأما كون من به سلس البول والمذي والريح والجريح الذي لا يرقأ دمه والرعاف الدائم كالمستحاضة في الطهارة المذكورة؛ فلأن هؤلاء شاركوا المستحاضة في أعذارهم المذكورة فأعطوا حكمها.

فإن قيل: ما لا يمكن عصبه.

قيل: يصلي صاحبه بحسب حاله «لأن عمر رضي الله عنه صلى وجرحه يثعب دمًا» (٣).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٩٣٢) ٢: ٧١٦ كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف المستحاضة.
(٢) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه (٦) ١: ٤٠٦ كتاب الصلاة، باب صلاة النساء جماعة وموقف إمامهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>