للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون الخيرة في الواجب بقتل العمد إلى الولي إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية على الرواية الأولى (١)؛ فلما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قُتلَ له قتيلٌ فهو بخير النظرين: إما يُودَى، أو يقاد» (٢)، وقوله: «فمنْ قَتَل بعدهُ قَتيلاً فأهله بين خِيَرَتَيْنِ: إن أحبوا قَتلُوا، وإن أحبوا أخذوا الدية» (٣).

وأما كونه إن شاء عفى إلى غير شيء؛ فلما تقدم أول الباب.

وأما كون العفو أفضل؛ فلما تقدم من قوله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارةٌ له} [المائدة: ٤٥].

ولأن الله تعالى قال: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} [البقرة: ٢٣٧]، وقال: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الشورى: ٤٠].

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر به (٤).

وأما كون من اختار القصاص له العفو إلى الدية؛ فلأن فيه مصلحة له وللجاني: أما له فلما في العفو عن القصاص من الفضيلة. وأما للجاني فلما فيه من سقوط القصاص عنه.

وأما كون من اختار الدية سقط القصاص؛ فلأن من وجب له أحد شيئين يتعين حقه باختيار أحدهما، ويلزم من تعيينه سقوط الآخر.

وأما كونه لا يملك طلب القصاص بعد ذلك؛ فلأن القصاص إذا سقط لا يعود.

وأما كون المجني عليه ووليه (٥) له العفو إلى الدية وإن سخط الجاني على الرواية الثانية وهي أن الواجب القصاص عيناً؛ فلأن الدية أقل منه. فكان له أن ينتقل إليها؛ لأنها أقل من حقه.


(١) ساقط من أ.
(٢) سبق تخريجه ص: ٩
(٣) سبق تخريجه ص: ٦٤
(٤) كما ورد في حديث أنس بن مالك. وقد سبق ذكره ص: ٦٣
(٥) في أ: أو وليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>