للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه نص عليه. وخرّج عليه أبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل. وليس ذلك مثله).

أما كون من اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس بمالكه مثل ضرورته فمنعه منه حتى مات يضمنه على المنصوص؛ فلأن عمرَ رضي الله عنه قضى بذلك.

ولأنه إذا اضطر إليه صار المضطر أحق من مالكه وله (١) أخذه منه قهراً. فإذا منعه منه فقد تسبب إلى هلاكه بمنعه ما يستحقه. فلزمه ضمانه؛ كما لو أخذ طعامه وشرابه فهلك بذلك.

وكلام المصنف رحمه الله مشعر بأشياء:

أحدها: أن الضمان يجب على المانع؛ لأنه أضاف الضمان إليه. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ذكره المصنف رحمه الله في المغني وعلله بأنه تعمد الفعل الذي يقتل مثله غالباً.

وقال القاضي: هو على عاقلته؛ لأنه قتلٌ لا يوجب القصاص فيكون شبهَ العمد.

وثانيها: أن يطلب المضطر ذلك من مالكه لأن قوله: فمنعه يدل عليه. فإن لم يطلبه من مالكه فمات لم يضمنه؛ لأنه لم يمنعه ولم يوجد منه فعل تسبب به إلى هلاكه.

وثالثها: أن لا يكون بمالكه مثل ضرورته. فإن كان به مثل ضرورته فطلبه منه فمنعه فمات لم يضمنه؛ لأنه لا يجب عليه بذل طعامه في تلك الحال. وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ابدَأ بنفسكَ ثم بمن تعُول» (٢): تنبيهٌ على ذلك.


(١) في أ: فله.
(٢) لم أقف عليه هكذا. وقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ الصدقةِ ما كان على ظهر غنى، وابدأ بمن تعول». (٥٠٤١) ٥: ٢٠٤٨ كتاب النفقات، باب وجوب النفقة على الأهل والعيال.

<<  <  ج: ص:  >  >>