وأما كون كل من قدر على إنجاء شخص من هَلَكة فلم يفعل حتى مات يخرج على ذلك على قول أبي الخطاب؛ فلاشتراكهما في القدرة على سلامته وخلاصه من الموت.
وأما كون ذلك ليس مثله على اختيار المصنف رحمه الله؛ فلأن الهلاك هنا لم يكن بسبب منه. فلم يضمنه؛ كما لو لم يعلم حاله. والمعني بذلك: أن التخريج يقتضي المساواة ولا مساواة بينهما؛ لأنه في مسألة الطعام منعه منعاً كان سبباً في هلاكه. بخلاف مسألة القدرة على إنجائه؛ لأنه لم يفعل شيئاً هو سبب لهلاكه.
قال:(ومن أفزع إنساناً فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته. وعنه: لا شيء عليه).
أما كون من أفزع إنساناً فأحدث بغائط عليه ثلث ديته على المذهب فلأنه يروى عن عثمان رضي الله عنه.
قال الإمام أحمد: لا أعرف شيئاً يدفعه.
وأما كونه لا شيء عليه على روايةٍ؛ فلأن الدية إنما تجب لإتلاف منفعة أو عضو أو إزالة جَمَال، وليس هاهنا شيء من ذلك.
والأول أصح لقضاء عثمان رضي الله عنه. لا سيما وذلك في مظنة الشهرة ولم ينقل خلافه فيكون إجماعاً، وأن قضاء الصحابي بما يخالف القياس يدل على أنه توقيف. وحكم من أفزع إنساناً فأحدث ببول أو ريح حكم من أفزع إنساناً فأحدث بغائط؛ لأنه يروى عن عثمان أيضاً ويدل عليه دليل الرواية الثانية. وحكم من ضرب إنساناً فأحدث بغائط أو بول أو ريح حكم من أفزعه فأحدث بما ذكر؛ لأنه يساويه معنى فكذا يجب أن يكون حكماً (١).