للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [فيمن أدب ولده فتلف]

قال المصنف رحمه الله: (ومن أدّب ولده، أو امرأته في النشوز، أو المعلم صبيه، أو السلطان رعيته ولم يسرف فأفضى إلى تلفه: لم يضمنه. ويتخرج وجوب الضمان على ما قاله فيما إذا أرسل السلطان إلى امرأة ليحضرها فأجهضت جنينها أو ماتت فعلى عاقلته الدية).

أما كون من أدّب ولده، أو امرأته، أو المعلم صبيه، أو السلطان رعيته ولم يسرف فتلف: لم يضمنه على المذهب؛ فلأن كل واحد منهم فعل ما يُشرع له فعله. فلم يضمن ما تولد منه؛ كقطع يد السارق إذا سرى إلى نفسه.

وأما كون وجوب الضمان يتخرج على (١) ما قاله الإمام أحمد فيما إذا أرسل السلطان إلى امرأة ليحضرها فأجهضت جنينها أو ماتت فعلى العاقلة الدية؛ فلأنه في معناه. وكلام المصنف رحمه الله متضمن بيان الحكم في المخرج عليه.

والأصل في ضمان الجنين والأم: أما الجنين؛ فما روي «أن عمر رضي الله عنه بعث إلى امرأة مُغيّبةٍ كان يُدخل عليها. فقالت: يا ويلها! ما لها ولعمر. فبينا هي في الطريق إذ فزعت، فضربها الطلق، فألقت ولدًا، فصاح الصبي صيحتين ثم مات. فاستشار عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار بعضهم أن ليس عليك شيء، إنما أنت والٍ ومؤدب. وصمتَ علي. فأقبل عليه عمر. وقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحُوا لك. إن ديَتَه عليك؛ لأنك أفزعتَها فألقتْه. فقال عمر: أقسمتُ عليكَ أن لا تبرح حتى تقسمها على قومك» (٢).


(١) في أ: إلى.
(٢) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (١٨٠١٠) ٩: ٤٥٨ كتاب العقول، باب من أفزعه السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>