قيل: لما كان وقت كل صلاة معلوماً تبادر الذهن عند قولنا عن وقتها إليه. وذلك يحتاج معه إلى الاستثناء لأن من ينوي الجمع يجوز أن يؤخر الصلاة عن آخر ذلك الوقت المتبادر إلى الذهن.
وأما كون المشتغل بشرط الصلاة يجوز له تأخيرها عن وقتها؛ فلأنه لا يجوز له الدخول في الصلاة مع عدم شرطها. فكيف يوصف الدخول بالوجوب؛ لأن قولنا لا يجوز له التأخير ينافيه قولنا يجب عليه الدخول.
إذا علم ذلك ففي جواز التأخير للمشتغل بالشرط نظر. وذلك من وجهين:
أحدهما: أنه لم ينقله أحد من الأصحاب ممن تقدم المصنف رحمه الله ممن نعلمه. بل نقلوا المسألة المتقدم ذكرها واستثنوا من نوى الجمع لا غير. ذكر ذلك أبو الخطاب في هدايته وصاحب النهاية فيها وفي خلاصته.
وثانيهما: أن ذلك يدخل فيه من أخر الصلاة عمداً حتى بقي من الوقت مقدار الصلاة. ولا وجه لجواز التأخير له.
قال:(ومن جحد وجوبها كفر. فإن تركها تهاوناً لا جحوداً دعي إلى فعلها، فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله. وعنه: لا يجب حتى يترك ثلاثاً ويَضيق وقت الرابعة. ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل بالسيف. وهل يقتل حداً أو لكفره؟ على روايتين).
أما كون من جحد وجوب الصلاة يكفر؛ فلأنه كذب الله تعالى في خبره.
وأما كون من تركها تهاوناً لا جحوداً يُدعى إلى فعلها فلاحتمال أنه تركها لعذر يعتقد سقوطها بمثله كالمرض ونحوه.
وأما كون من تركها تهاوناً ودعي إلى فعلها وأبى يجب قتله في الجملة؛ فلأن الصلاة آكد من الزكاة. وقد أجمع الصحابة على وجوب قتل مانعها؛ فلأن يجب قتل تارك الصلاة بطريق الأولى.
وأما كونه يجب قتله إذا تضايق وقت الثانية على المذهب؛ فلأنه إذا لم يجب قتله بالأولى في وقتها لإمكان فعلها فيه ولا إذا خرج وقتها لأنها صارت فائتة -والفائتة لا يقتل بها لأن وقتها موسع في بعض المذاهب- تعين وجوب قتله إذا ضاق وقت الثانية عن فعلها لأنه يُعلم أنه قد عزم على ترك الصلاة.