والثالث: أن اللحيين يوجدان قبل وجود الأسنان في الخلقة ويبقيان بعد ذهابها في حق الكبير ومن تقلعت أسنانه عادة. بخلاف الكف والأصابع.
قال:(وإن قطع كفاً بأصابعه لم تجب إلا دية الأصابع. وإن قطع كفاً عليه بعض الأصابع دخل ما حاذى الأصابع في ديتها وعليه أرش باقي الكف. وإن قطع أنملة بظفرها فليس عليه إلا ديتها).
أما كون من قطع كفاً بأصابعه لا تجب عليه إلا دية الأصابع؛ فلأن تلف الأصابع وقع ضمناً لتلف اليد كما وقع تلف اليد ضمناً لتلف النفس. وفي تلف النفس لا تجب إلا دية النفس. فكذلك لا تجب بتلف الكف الذي عليه أصابعه إلا دية اليد.
فإن قيل: كلام المصنف رحمه الله مشعر بأن الدية للأصابع، وذلك يقتضي سقوط ما يجب في مقابلة الكف.
قيل: ظاهره ذلك وليس بمراد له، ولكن لما كان دية الأصابع كدية اليد أطلق اللفظ المذكور نظراً إلى المعنى. والعبارة المخلصة من الإشكال أن يقول: لم تجب إلا دية اليد كما ذكرتُ في الشرح.
وأما كون ما حاذى الأصابع يدخل في ديتها إذا قطع كفاً عليه بعض الأصابع؛ فلأن دخول الكل في الكل يقتضي دخول البعض في البعض.
وأما كون قاطع ذلك عليه أرش باقي الكف؛ فلأنه لم يوجد شيء يدخل فيه ضمان ذلك. أشبه ما لو لم يبق من يده إلا ذلك فقطعه.
وأما كون من قطع أنملة بظفرها ليس عليه إلا ديتها؛ فلأن الظفر في الأنملة كالإصبع في اليد.