للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الكفارة إذا وجبت في قتل الخطأ فلأن تجب في قتل العمد بطريق الأولى.

والأولى هي المشهورة في المذهب لأن الله تعالى ذكر القتل خطأ وأوجب فيه الكفارة. ثم ذكر قتل العمد ولم يوجب فيه كفارة، وذلك يدل على عدم الوجوب.

وروي «أن سويدَ بن الصامت قتلَ رجلاً. فأوجبَ النبي صلى الله عليه وسلم القودَ ولم يوجب كفارة».

وروي «أن عمرو بن أمية الضمري قتلَ رجلين كانا في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلم فوداهُما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بكفارة».

وأما حديث واثلة فيحتمل أنه كان خطأ وسماه موجباً؛ لأنه فوّت النفس بالقتل، ويحتمل أنه كان شبه العمد، ويحتمل أنه أمرهم بالإعتاق تبرعاً.

وأما شبه العمد فذكر المصنف رحمه الله فيه هنا روايتين.

وقال (١) في المغني: تجب فيه الكفارة ثم قال: ولا أعلم لأصحابنا فيه قولاً. لكن مقتضى الدليل ما ذكرنا؛ لأنه أجري مجرى الخطإ في نفس القصاص، وحمل العاقلة ديته، وتأجيلها في ثلاث سنين فجرى مجراه في وجوب الكفارة.

ولأن القاتل إنما لم يحمل شيئاً من الدية لتحمله الكفارة فلو لم تجب عليه الكفارة تحمل من الدية لئلا يخلو القاتل عن وجوب شيء أصلاً ولم يرد الشرع بهذا.

إذا علم مجموع كلام المصنف رحمه الله هنا وفي المغني اقتضى أمرين:

أحدهما: أن حكاية الروايتين في شبه العمد وقعت هنا سهواً.

وثانيهما (٢): أن القول بالوجوب فيه مأخوذ من الدلالة لا من النقل. وفيه نظر لأن المسألة منقولة في المستوعب وفي غيره من كتب الأصحاب. لكن المصنف رحمه الله احترز عن ذلك حيث قال: لا أعلم فإن ذلك نفي لعلمه لا لوجود


(١) في د: قال.
(٢) في أ: وثانيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>