ولأن أيمان (١) القسامة حجة يثبت بها قتل العمد. فاعتبر كونها من رجال؛ كالشهادة.
وأما كون النساء لا مدخل لهم في القسامة؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر النساء في الحديث المتقدم.
ولأن القسامة حجة موجبها القتل. فلم تسمع من النساء؛ كالشهادة.
ولأن الجناية المدّعاة التي تجب القسامة عليها هي القتل، ولا مدخل للنساء في إثباته.
وأما كون الصبيان والمجانين لا مدخل لهم فيها؛ فلأن الأيمان في القسامة حجة للحالف، والصبي والمجنون لا يثبت بقولهما حجة، ولو أقرا على أنفسهما لم يقبل. فلئلا يقبل قولهما في حق غيرهما بطريق الأولى.
وأما كونهم لا مدخل لهم فيها عمداً كان القتل أو خطأ؛ فلأن الخطأ أحد القتلين. أشبه الآخر.
فإن قيل: الخطأ يثبت المال، وللنساء في ثبوت المال مدخل.
قيل: المال يثبت ضمناً لثبوت القتل، ومثل ذلك لا يثبت بالنساء. دليله ما لو ادعى رجل زوجية امرأة بعد موتها ليرثها فأقام رجلاً وامرأتين فإنه لا يقبل لكون المال إنما يثبت ضمناً لثبوت النكاح. فكذا هاهنا يجب أن لا يكون للنساء مدخل في القسامة في الخطأ؛ لأن المال إنما يثبت ضمناً لثبوت القتل.
قال:(فإن كانا اثنين أحدهما غائب أو غير مكلف فللحاضر المكلف أن يحلف ويستحق نصيبه من الدية. وهل يحلف خمسين يميناً أو خمساً وعشرين؟ على وجهين. وإذا قدم الغائب أو بلغ الصبي حلف خمساً وعشرين وله بقيتها).
أما كون الحاضر له أن يحلف ويستحق نصيبه من الدية؛ فلأن القسامة حق له ولغيره. فغيبة صاحبه لا تمنعه من حلفه واستحقاق نصيبه؛ كالمال المشترك بين الاثنين.