للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله عليه السلام: «ولكن اليمينَ على المدَّعَى عليه» (١): فالمراد به غير هذه القصة لأن أوله يدل على أن الناس لا يعطون بدعواهم. ثم لو قدر دلالته على هذه القضية (٢) فهي دلالة من جهة العموم، وحديث سهل يدل بجهة الخصوص، والخاص يقدم على العام. على أنه قد روي: «البينةُ على المدعي واليمينُ على من أنكرَ إلا في القسامة» (٣)، وذلك زيادة من عدل. فوجب قبولها.

وأما حديث سليمان بن يسار فلا يصلح معارضاً لحديث سهل؛ لأنه عزاه إلى رجال من الأنصار ولم يذكر لهم صحبة ثم هو مخالف لحديث سهل من وجه آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الدية على اليهود.

وأما قياس يمين القسامة على سائر الدعاوي فلا يصح؛ لأنها خالفت ذلك في أشياء. على أن من الدعاوي ما يبدأ فيه بيمين المدعي كأيمان اللعان. فوجب إلحاق أيمان القسامة به؛ لأن بينهما اشتراكاً خاصاً هو تكرر الأيمان فيهما (٤).

وأما كون المدعين يحلفون خمسين يميناً؛ فلما تقدم من الأحاديث الصحيحة؛ كحديث سهل وغيره.

ولأن الإجماع منعقد على ذلك.

وأما كون ذلك يختص بالوارث على المذهب؛ فلأن أيمان القسامة أيمان في دعوى. فلم تشرع في حق غير الوارث؛ كسائر الأيمان.

وأما كون الأيمان تقسم بين الرجال منهم؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خاطب بذلك الرجال.

وأما كونه (٥) يقسم بينهم على قدر ميراثهم؛ فلأن موجَبها إذا كان الدية يُقَسّم كذلك. فكذلك يجب أن (٦) تقسم هي.


(١) سبق تخريجه ص: ٢٠٣.
(٢) في أ: القصة.
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه (٥١) ٤: ٢١٧ كتاب في الأقضية والأحكام، في المرأة تقتل إذا ارتدت.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ١٢٣.
(٤) في أ: تكرير الأيمان فيها.
(٥) في أ: كونهم.
(٦) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>