للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وأما حقوق الآدميين فتستوفى كلها. سواء كان فيها قتل أو لم يكن. ويبدأ بغير القتل).

أما كون حقوق الآدميين تستوفى كلها سواء كان فيها قتل أو لم يكن؛ فلأنها حقوق الآدميين يمكن استيفاؤها كلها. فوجب؛ كسائر حقوقهم.

فإن قيل: لم اكتفي بالقتل في حقوق الله تعالى؟

قيل: لأن حقوق الله مبنية على السهولة. بخلاف حق (١) الآدمي فإنه مبني على الضيق والشح.

وأما كونها يبدأ فيها بغير القتل؛ فلأن البداءة بالقتل يفوت استيفاء باقي الحقوق. فلم يجز؛ لما فيه من تفويت الحق الواجب.

قال: (وإن اجتمعت مع حدود الله (٢) بُدئ بها؛ فإذا زنى وشرب وقذف وقطع يداً قطعت يده أولاً، ثم حد للقذف ثم للشرب ثم للزنى، ولا يستوفى حد حتى يبرأ من الذي قبله).

أما كون من اجتمعت عليه حقوق آدميين مع حدود الله يبدأ فيها بحقوق الآدميين؛ فلأن حقوق الآدميين مبنية على الشح والضيق، وحقوق الله مبنية على السهولة.

وأما كون من زنى وشرب وقذف وقطع يداً تقطع يده قصاصاً أولاً؛ فلأنه متمحض لآدمي. [بدليل سقوطه بإسقاطه.

وأما كونه يحد للقذف ثانياً؛ فلأنه مختلف في كونه لآدمي] (٣). بخلاف حد الزنى والشرب.

وأما كونه يحد للشرب ثالثاً؛ فلأنه أخف.

وأما كونه يحد للزنى رابعاً؛ فلأنه أشد الحدود.

وأما كونه لا يستوفى حد من جميع ما ذكر حتى يبرأ من الذي قبله؛ فلئلا تتوالى عليه الحدود فتؤدي إلى تلفه، وليس ذلك مطلوباً في الحد.


(١) في أ: المساهلة بخلاف حقوق.
(٢) في أ: حدود الله تعالى.
(٣) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>