للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: الاعتراف مصدر يقع على المرة والمرات. فيجب حمله على المرات المقدم ذكرها؛ لما فيه من الجمع بين الحديثين.

وأما كون الإقرار أربع مرات يُثبت الزنى في مجلس كان أو مجالس؛ فلعموم ما تقدم.

وأما كون المُقر يُقر وهو بالغ عاقل؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «رُفعَ القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلُغ، وعن المجنون حتى يُفيق ... » (١)، وفي قصة ماعز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين أقر: «أبكَ جنون؟ قال: لا» (٢)، وفي حديث ابن عباس قال: «أتي عمر رضي الله عنه بمجنونة قد زنتْ فاستشارَ فيها أناساً. فأمر بها عمر رضي الله عنه أن ترجم. فمرّ بها على ابن أبي طالب قال: ما شأنُ هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان أمرَ بها عمر أن تُرجم. فقال: أرجعوها. ثم أتاهُ فقال: يا أمير المؤمنين! أما علمتَ أن القلمَ قد رُفع عن ثلاثة؟ عن المجنون حتى يُفيق قال: بلى. قال: فما بالُ هذه؟ [قال: لا شيء] (٣) قال: فأرسِلْها. قال: فجعل يكبِّر» (٤). رواه أبو داود.

وأما كونه يصرّح في إقراره بذكر حقيقة الوطء؛ فلأن الزنى يعبر به عما ليس بموجب للحد. فلم يكن بد من ذكر حقيقة الزنى؛ لتزول الشبهة النافية لوجوب الحد.

وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز: «لعلك قبّلتَ أو غمزتَ أو نظرتَ. قال: لا. قال: أفنِكتَها؟ لا يكْني. قال: نعم. قال: فعندَ ذلك أمر برجمه» (٥)، وفي روايةٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أفنِكتَها؟ قال: نعم. قال: حتى غابَ ذلك منكَ في ذلك منها. قال: نعم. قال: كما يغيبُ المِرْودُ في المكحلة والرشاء في البئر. قال: نعم. قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم.


(١) سبق تخريجه ص: ٢١٥.
(٢) سبق تخريجه ص: ٢٥٢.
(٣) ساقط من أ.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (٤٣٩٩) ٤: ١٤٠ كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٣٨) ٦: ٢٥٠٢ كتاب المحاربين، باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت.

<<  <  ج: ص:  >  >>