للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يحرم عند أبي الخطاب حتى يغلي؛ فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشربوا في كل وعاءٍ، ولا تشربوا مسكراً» (١).

ولأن علة التحريم الشدة المُطربة، وذلك في المسكر لا في غيره.

وأجاب عن إطلاق الإمام القول بأن المراد عصير يتخمر في ثلاث غالباً (٢).

قال: (ولا يكره أن يترك في الماء تمراً أو زبيباً ونحوه ليأخذ ملوحته ما لم يشتد أو يأتي عليه ثلاث).

أما كون ترك ما ذكر في الماء لا يكره؛ فلما تقدم في (٣) حديث ابن عباس «أنه كان ينبذُ له الزبيبَ فيشربه» (٤).

وأما كونه يحرم إذا اشتد؛ فلما روى أبو هريرة قال: «علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومُ. فتحينت فطره بنبيذٍ صنعته في دباء. ثم أتيتهُ به فإذا هو يَنشّ. فقال: اضرب بهذا الحائط. فإن هذا شرابُ من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» (٥). رواه أبو داود.

ولأنه إذا بلغ ذلك صار مسكراً، وكل مسكر حرام.

وأما كونه يحرم إذا أتى عليه ثلاثة أيام؛ فلأن ذلك في مظنة الاشتداد. أشبه العصير.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله: ولا يكره أن يترك ... إلى قوله: ما لم يشتد أو يأتي عليه ثلاث لا يدل على التحريم. يجوز أنه (٦) يكره عند ذلك؛ لأن الكراهة قبل الحرمة.

قيل: أما إذا اشتد فلا خلاف فيه في المذهب، والحديث المذكور وما تقدم يدل عليه. وأما إذا أتى عليه ثلاث ففيه الخلاف المتقدم ذكره في العصير؛ لأنه في معناه.


(١) سيأتي تخريجه ص: ٢٨٦.
(٢) في أ: يخمر غالبا في ثلاث.
(٣) في أ: من.
(٤) سبق قريباً.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه (٣٧١٦) ٣: ٣٣٦ كتاب الأشربة، باب في النبيذ إذا غلى.
(٦) في أ: أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>