للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونهما يحسمان؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في حق السارق فقال: «اقطعوهُ واحسِمُوه» (١).

ولأن الحسم يَسُدّ أفواه العروق، ويمنع الدم من النزف.

ومعنى الحسم: أن يُغلى زيت ثم يوضع ما قطع فيه.

وأما كونه يخلى بعد ذلك؛ فلأن الحق الذي عليه استُوفي. أشبه المدين إذا وفى دَينه.

وأما كون المحاربين لا يقطع منهم إلا من أخذ ما يُقطع السارق في مثله؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القطعُ في ربع دينار» (٢). ولم يفصل بين المحارب وغيره.

ولأن الجناية المذكورة جناية يتعلق بها عقوبة في حق غير المحارب فلا تتغلظ في المحارب بأكثر من وجه واحد؛ كالقتل لا يغلظ بغير الانحتام. فكذلك هاهنا لا يتغلظ القطع بغير قطع الرجل مع اليد. فلو تغلظ بما دون النصاب لتغلظ بأكثر من ذلك.

قال: (وإن كانت يمينه مقطوعة أو مستحقة في قصاص أو شلاء قطعت رجله اليسرى. وهل تقطع يسرى يديه؟ ينبني على الروايتين في قطع يسرى السارق في المرة الثالثة).

أما كون من كانت يمينه كما ذكر تقطع رجله اليسرى؛ فلأن ذلك واجب أمكن استيفاؤه.

وأما كون قطع يسرى يديه ينبني (٣) على قطع أطراف السارق الأربعة على الروايتين المتقدم ذكرهما وتعليلهما في آخر باب السرقة (٤)؛ فلأنه في معناه.

فعلى هذا إن قلنا يقطع السارق مرة ثالثة قطعت يُسرى المحارب هنا؛ لأنها مستحقة القطع في الجملة. فإذا تعذر استيفاء اليمنى تعين استيفاء اليسرى؛ كما لو سرق السارق ولا يد يمنى له ولا رجل. وإن قلنا: لا يقطع السارق في الثالثة لم


(١) سبق تخريجه ص: ٣٢٣.
(٢) سبق تخريجه ص: ٣٠٢.
(٣) في أ: يده المبني.
(٤) ص: ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>