للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه شهيداً إذا قُتل؛ فلما روى عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن أريد ماله بغير حق فقاتلَ فقُتل فهو شهيد» (١). رواه الخلال بإسناده.

ولأنه قُتل لدفع ظالم. فكان شهيداً؛ كالعادل يقتله الباغي.

وأما كون الدفع عن نفسه لا يجب على روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفتنة: «اجلس في بيتكَ. فإن خفتَ أن يَبهَركَ شُعَاعُ السيفِ فغطِّ وجهك» (٢). وفي لفظ: «فكن عبداللهِ المقتول ولا تكن عبداللهِ القاتل» (٣).

ولأن عثمان رضي الله عنه ترك القتال مع إمكانه.

وأما كونه يجب على روايةٍ؛ فلأنه قدر على إحياء نفسه. فوجب عليه فعلُ ما يبقى به؛ كالمضطر إذا وجد الميتة.

والأولى أصح؛ لأن المضطر لا غرض له في ترك الأكل. بخلاف الدافع؛ لأن له في ترك الدفع غرضاً وهو إبقاء نفس (٤) أخيه المسلم، وحصول الشهادة له.

وأما كون الصائل الآدمي والبهيمة سواء؛ فلاشتراكهما في المجوز للدفع، وهو الصول.

قال: (وإذا دخل رجل منزله متلصصاً أو صائلاً فحكمه حكم من ذكرنا).

أما كون حكم من دخل منزل غيره متلصصاً أو صائلاً حكم من تقدم ذكره؛ فلأن حاجة صاحب المنزل إلى إخراجه كحاجة من تقدم ذكره. فوجب تساويهما في الحكم؛ لتساويهما في المعنى الموجب له.

وأما المعنيّ بذلك فهو أن صاحب المنزل إن علم أن المتلصص أو الصائل يخرج بالقول لم يجز له أن يخرجه بالعصا، وإن علم أنه يخرج بالعصا لم يجز له أن يخرجه


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٦٨٢٩) ٢: ١٩٤.
وأخرجه البيهقي في الكبرى ٨: ١٨٧ كتاب قتال أهل البغي. باب من أريد ماله أو أهله.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٤٢٦١) ٤: ١٠١ كتاب الفتن والملاحم، باب في النهي عن السعي في الفتنة.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٣٩٥٨) ٢: ١٣٠٨ كتاب الفتن، باب التثبت في الفتنة.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٢٠٥٥٩) طبعة إحياء التراث.
(٤) في أ: النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>