للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ولا يستعين في حربهم بكافر. وهل يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم؟ على وجهين).

أما كون الإمام لا يستعين في حرب أهل البغي بكافر؛ فلأن الكافر لا يستعان به في قتال الكافر. فلأن لا يستعان به في قتال المسلم بطريق الأولى.

وأما كونه لا يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم وهي الخيل التي لهم على وجه؛ فلأن أموال أهل البغي لا تستباح.

وأما كونه يجوز أن يستعين عليهم بذلك على وجه؛ فلأن الحاجة داعية إليه. أشبه قتلهم.

قال: (ولا يتبع لهم مُدْبر، ولا يجاز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا تسبى لهم ذرية).

أما كون أهل البغي لا يتبع لهم مُدْبر ولا يجاز على جريحهم؛ فلما روى عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا ابنَ أم (١) عبد! ما حكمُ من بغَى على أمتي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لا يتبع مدبرهم، ولا يجاز على جريحهم، ولا يُقتل أسيرهم» (٢). رواه القاضي في شرحه.

وروي: «أن علياً رضي الله عنه قال يوم الجمل: لا يُذَففُ على جريح، ولا يُهتكُ ستر، ولا يفتحُ باب. ومن أغلقَ باباً أو بابهُ فهو آمن، ولا يتبعُ مُدْبِر» (٣). ونحو ذلك روي (٤) عن عمار.

وعن علي «أنه ودَى قوماً من بيتِ مالِ المسلمين قتلوا مُدْبرين».

وعن أبي أمامة قال: «شهدتُ صفين. فكانوا لا يجيزونَ على جريحٍ، ولا يطلبونَ مولياً، ولا يسلبون قتيلاً» (٥).


(١) في أ: آدم.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ١٨٢ كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاؤا لم يتبع مدبرهم ولم يقتل أسيرهم ...
وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢٦٦٢) ٢: ١٦٨ كتاب قتال أهل البغي وهو آخر الجهاد.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ١٨١ الموضع السابق.
(٤) في د: وروي.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢٦٦٠) ٢: ١٦٧ كتاب قتال أهل البغي وهو آخر الجهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>