وأما كونهم لا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم حاكم المسلمين من أهل العدل؛ فلأن بغيهم في أمر يسوغ فيه التأويل. أشبه الاختلاف في الفروع.
فعلى هذا إن خالف حكم حاكمهم نصاً أو إجماعاً نقض؛ كحكم حاكم المسلمين من أهل العدل وإلا فلا.
قال:(وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم انتقض عهدهم إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم، ويغرمون ما أتلفوه من نفس ومال).
أما كون عهد أهل الذمة ينتقض إذا أعانوا أهل البغي إذا لم يدعوا أنهم ظنوا أنهم يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك؛ فلأن أهل الذمة لو قاتلوا منفردين انتقض عهدهم. فكذلك إذا قاتلوا مع أهل البغي.
وأما كونه لا ينتقض إذا ظنوا أنهم يجب عليهم معونة من ذكر؛ فلأن ذلك شبهة فيدرأ به قتلهم المستحق بالانتقاض.
وأما كون أهل الذمة يغرمون ما أتلفوه لأهل العدل فيما ذكر؛ فلأن مقتضى الدليل وجوب الضمان. ترك العمل به في حق أهل البغي خوفاً من تنفيرهم، وتنفير أهل الذمة لا أثر له؛ لأن أهل البغي لهم قوة. بخلاف أهل الذمة فلا يصح إلحاقهم بهم.
قال:(وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم، وأبيح قتلهم).
أما كون أمان البغاة لأهل الحرب لا يصح؛ فلأن من صحة الأمان الكف عن قتال المسلمين، والباغي لا يشترطه (١) بل يشترط عليهم عدمه.
وأما كونهم يباح قتلهم؛ فلأن أمان البغاة لم يصح. فبقوا على ما كانوا عليه قبل الأمان.