للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: ظاهر إطلاق المصنف رحمه الله الإباحة، وهي تقتضي العموم (١) إلا أن الكلام مسوق مع أهل العدل فيحتمل أن يختص بهم. ويؤيده تصريح المصنف رحمه الله بذلك في المغني فقال (٢): فأما أهل البغي فلا يجوز لهم قتلهم؛ لأنهم قد بذلوا لهم الكف عنهم. فلم يجز لهم الغدر.

قال: (وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم يجتمعوا لحرب لم يتعرض لهم، فإن سَبُّوا الإمام عزرهم. وإن جنوا جناية أو أتوا حداً أقامه عليهم).

أما كون من أظهر رأي الخوارج ولم يجتمعوا لحرب لا يتعرض لهم؛ فـ «لأن علياً رضي الله عنه كان يوماً يخطب. فقال رجل بباب المسجد: لا حُكمَ إلا لله. فقال علي: كلمةُ حق أُريدَ بها باطل. ثم قال: لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجدَ الله أن تذكروا فيها اسمَ الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامتْ أيديكم معنا، ولا نبدأكمْ بقتال» (٣).

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما تعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة. فلأن لا يتعرض إلى من ذكر بطريق الأولى.

وأما كونهم إذا سَبُّوا الإمام يعزرهم؛ فلأنهم ارتكبوا محرماً لا حد فيه ولا كفارة، وليس التعزير المذكور مختصاً بسب الإمام بل لو سبوا أحداً من أهل العدل كان الأمر كذلك، لما تقدم من العلة.

وأما كونهم إذا جنوا جناية أو أتوا حداً أقامه عليهم؛ فلأنهم ليسوا ببغاة فهم كآحاد الناس.

ولأن في إسقاط (٤) ذلك وسيلة إلى تجرئهم (٥) على فعله، وذلك مطلوب العدم.


(١) في د: الإباحة يقتضي التعميم.
(٢) في د: قال.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٧٩١٧) ٧: ٥٦١ كتاب الجمل، ما ذكر في الخوارج.
(٤) في أ: حكم إسقاط.
(٥) في أ: تحريمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>