للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [في أحكام المرتد]

قال المصنف رحمه الله: (ومن ارتد لم يزل ملكه بل يكون موقوفاً وتصرفاته موقوفة، فإن أسلم ثبت ملكه وتصرفاته، وإلا بطلت. وتقضى ديونه وأروش جناياته، وينفق على من تلزمه مؤونته، وما أتلف من شيء ضمنه. ويتخرج في الجماعة الممتنعة أن لا تضمن ما أتلفته. وقال أبو بكر: يزول ملكه بردته، ولا يصح تصرفه. وإن أسلم رد إليه تمليكاً مستأنفاً).

أما كون من ارتد لا يزول ملكه على المذهب؛ فلأن الذي وجد منه سبب يبيح الدم، وذلك لا يوجب زوال الملك. دليله الزاني المحصن والقاتل.

وأما كونه يزول ملكه على قول أبي بكر؛ فلأن عصمة نفسه وماله بالإسلام فإذا ارتد زال العاصم لهما. فوجب أن تزول عصمتهما. ولهذا لو لحق بدار الحرب أبيح دمه وماله.

ولأن المسلمين ملكوا إراقة دمه. فوجب أن يملكوا أخذ ماله.

والأول أصح؛ لما تقدم. وزوال العصمة لا ينفي بقاء الملك. بدليل الحربي فإنه لا عصمة له وملكه ثابت. وزوال ملك المرتد بلحوقه بدار الحرب ممنوع بل تزول عصمته، ويباح لكلٍّ أخذه؛ كمال الحربي سواء.

فعلى هذا يكون ملكه موقوفاً فإن أسلم تبين استمرار ثبوته وإن مات أو قتل زال ملكه من حيث موته أو قتله، وعلى قول أبي بكر إذا أسلم يرد إليه ما كان له على وجه الاستئناف.

وأما كون تصرفاته من (١) البيع والهبة والعتق والتدبير والوصية ونحو ذلك موقوفة على المذهب؛ فلأنه مال تعلق به حق الغير. فكان التصرف فيه موقوفاً؛ كتبرع المريض.


(١) في أ: في.

<<  <  ج: ص:  >  >>