للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه على روايةٍ؛ فلأن في حديث جبريل المتقدم «ثم صلى بي العصر في المرة الأخرى حين صار ظل كل شيء مثليه» (١).

وأما كون وقت الاختيار يذهب؛ فلأن مقتضى حديثي عمرو وجبريل المتقدم ذكرهما ذهاب الوقت بعد ما ذكر فيهما. تُرك العمل به في الإدراك قبل غيبوبة الشمس لما يأتي (٢) فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضاه.

وأما كون وقت الضرورة يبقى إلى غروب الشمس؛ فلما يأتي من حديث أبي هريرة.

فإن قيل: ما المعنيّ بوقت الاختيار ووقت الضرورة؟

قيل: وقت الاختيار هو الذي تقع الصلاة فيه أداء. فلا إثم على فاعلها فيه. ووقت الضرورة هو الذي تقع الصلاة فيه أداء ويأثم فاعلها بالتأخير إليه لغير عذر.

أما كون الصلاة في وقت الاختيار تقع أداء؛ فلأنها تقع في وقت الضرورة أداء لما يأتي؛ فلأن تقع أداء في وقت الاختيار بطريق الأولى.

وأما كون فاعلها فيه لا إثم عليه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يفعلونها فيه.

وأما كون الصلاة في وقت الضرورة تقع أداء؛ فلما روى أبو هريرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته» (٣) متفق عليه.

وفي لفظ للنسائي «فقد أدركها» (٤).

وأما كون فاعلها فيه يأثم؛ فلما روى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين. يجلس


(١) سبق تخريجه ص: ٢٧٩.
(٢) وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته».
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٥٤) ١: ٢١١ كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الفجر ركعة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٦٠٨) ١: ٤٢٤ كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) أخرجه النسائي في سننه (٥٥١) ١: ٢٧٣ كتاب المواقيت، باب من أدرك ركعة من صلاة الصبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>