للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضم القاضي إلى شدة الحر وصلاة الجماعة في المسجد: أن يكون في البلاد الحارة كبغداد ونحوها؛ لأن التأخير إنما استحب لينكسر الحر ويتسع فيء الحيطان فيكثر السعي إلى الجماعات وذلك مفقود في من فقد منه شرط من هذه الثلاثة.

فعلى هذا من يصلي في بيته جماعة، أو فرادى، أو في مسجدٍ بفنائه، أو يكون ببلد ليس بحار كالشام ونحوه فالأفضل تعجيلها له بكل حال لزوال المقتضي للتأخير.

وقد روي عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه كان يؤخرها في مسجده. ولم تكن هذه الصفة.

فعلى هذا لا فرق بين البلد الحار وغيره ولا بين مَنِ المسجد بفنائه ومن يصلي في بيته ومن غير ذلك وهو الصحيح لأنه داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا اشتد الحر فأبردوا» (١).

قال: (ثم العصر وهي الوسطى. ووقتها من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس. وعنه إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه. ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس. وتعجيلها أفضل بكل حال).

أما قول المصنف رحمه الله: ثم العصر؛ فمعناه أنها تلي الظهر بمهلة. ويلزم أن تكون الثانية؛ لأنه قد ثبت أن الظهر هي الأولى فلزم أن تكون العصر هي الثانية.

وأما كونها الوسطى؛ فلما روى علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً» (٢) متفق عليه.

وأما كون أول وقتها من خروج وقت الظهر؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل: «وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله» (٣).

وأما كون آخره إلى اصفرار الشمس على روايةٍ؛ فلما روى عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» (٤) رواه مسلم.


(١) سبق تخريجه ص: ٢٨٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٨٨٥) ٤: ١٥٠٩ كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٦٢٧) ١: ٤٣٧ كتاب المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
(٣) سبق حديث جبريل ص: ٢٧٩.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه (٦١٢) ١: ٤٢٧ كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>