للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لم ينقل تأخيرها بل تعجيلها. فروى سهل بن سعد: «ما كنا نقيل ولا نتغدّى إلا بعد الجمعة» (١) رواه البخاري.

ولأن السنة المباكرة (٢) إليها واجتماع الناس لها قبل الزوال فلو شرع [تأخيرها] (٣) لتأذى الناس بحر المسجد.

وأما كون الأفضل في الغيم تأخيرها؛ فلأنه لا يؤمن مع التعجيل عدم مصادفة الوقت حقيقة؛ لأن الدخول في الصلاة يجوز إذا غلب على الظن دخول الوقت فإذا كان غيم وصلى بناء على غلبة الظن ربما صادف في الباطن عدم الوقت.

وقول المصنف رحمه الله: لمن يصلي جماعة؛ يحتمل أن يعود إلى شدة الحر والغيم جميعاً.

فعلى هذا يكون عدم أفضلية التعجيل في شدة الحر والغيم مشروطاً بكون المصلي يصلي جماعة. ولم أر ذلك لغيره ولا له في غير مقنعه. إلا أنه نقل في المغني عن القاضي أنه قال: يستحب تأخير الظهر والمغرب في الغيم. وأنه علل ذلك بأنه وقت يخاف منه العوارض والموانع من المطر والريح والبرد فتلحق المشقة في الخروج لكل صلاة. وفي تأخير الأولى من صلاتي الجمع وتقديم الثانية دفع لهذه المشقة.

فعلى هذا يكون التأخير للغيم مشروطاً بحضور الجماعة؛ لأن المعنى لا يحصل إلا بذلك. ولا تكون علة التأخير في الغيم إلا من عدم إصابة الوقت في الحقيقة.

ويحتمل أن يعود يعني قوله: لمن يصلي جماعة إلى شدة الحر فقط ويكون الغيم لا حظ له في ذلك. وفيه بُعْد لتوسط أجنبي بين الحكم وشرطه إلا أن ذلك موافق لنقل الأصحاب ونقل المصنف رحمه الله في سائر مصنفاته.

وإنما اشترطت الصلاة جماعة في عدم أفضلية التعجيل؛ لأن في التعجيل السعي في الشمس وشدة الحر وذلك مشقة في حق من يصلي جماعة لا في حق غيره.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله: أنه لا يشرط غير ما ذكر.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٨٩٧) ١: ٣١٨ كتاب الجمعة، باب قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة ... }.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٨٥٩) ٢: ٥٨٨ كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس.
(٢) في ب: المباركة.
(٣) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>