للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وإن وجد طعاماً لا يعرف مالكه وميتة أو صيداً وهو مُحْرم فقال أصحابنا: يأكل الميتة. ويحتمل أن يحل له الطعام والصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة).

أما كون من وجد طعاماً لا يعرف مالكه وميتة: يأكل الميتة دون طعام الغير على قول أصحابنا؛ فلأنه منصوص على فعله، وأكل مال الآدمي بغير إذنه مجتهد فيه.

ولأن حقوق الله مبنية على المسامحة، وحق الآدمي مبني (١) على الشح والضيق.

وأما كون من وجد ميتة وصيداً وهو مُحْرم يأكل الميتة دون الصيد؛ فلأن في الصيد تحريمات ثلاثة: تحريم قتله، وتحريم أكله؛ لكونه صيداً، وتحريم أكله؛ لكونه ميتة؛ لأن ما ذبحه المحرم يصير ميتة.

وأما كون الأول يحتمل أن يحل له الطعام إذا لم تقبل نفسه الميتة؛ فلأن طعام الغير لم يحرم لمعنى فيه بل لحق الغير وذلك يجوز بوجوب الضمان. بخلاف الميتة فإنها حرمت لمعنى فيها وهو موجود عند الاضطرار.

ولأن في إلزامه بأكل ما لم تقبل نفسه إضراراً به، وربما أدى حاله إلى ترك الأكل. فيحصل المحذور الذي أبيح من أجله أكل الميتة. وذلك مطلوب العدم.

وأما كون المحرم يأكل الصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة؛ فلأن الصيد يساوي طعام الغير فيما ذكر معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.

لا يقال: الصيد يصير بذبح المحرم ميتة فيساوي الميتة الذي وجدها معه بخلاف طعام الغير؛ لأن الصيد وإن صار بما ذُكر ميتة لكن حكماً، وحينئذ لم (٢) يوجد فيه ما في الميتة حقيقة من حيث المحل ونحوه.

فإن قيل: كلام المصنف رحمه الله فيه نظر من وجوه:

أحدها: أنه وصف الطعام بكونه لا يعرف واجدُه مالكَه. وظاهره اشتراط ذلك في أكل الميتة حقيقة على قول الأصحاب، وفي أكل الطعام والصيد على الاحتمال.


(١) في أ: مبنية.
(٢) في أ: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>