للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {وما علّمتم من الجوارح} [المائدة: ٤] فلم يكن صيدها حلالاً طيباً؛ لأن الحل مرتب على الصيد بالمعلم للآية المذكورة والخبر المتقدم ذكره.

ومقتضى كلام المصنف رحمه الله اشتراط ذلك في الكلب والفهد وعليه يقاس كل جارح.

وقال في المغني: لا أحسب هذا المعنى في غير الكلب؛ لأنه هو الذي يجيب صاحبه إذا دعاه وينزجر إذا زجره، والفهد لا يكاد يجيب داعياً وإن عد معلماً [فيكون التعليم في حقه تركُ الأكلِ خاصة، أو بما يعده به أهل العرف معلماً] (١). هذا نصه.

فإن قيل: الانزجار المعتبر في الجارح هو بعد الإرسال على الصيد.

قيل: لا؛ لأن ذلك لا يتصف به جارحة. وإنما المعتبر كونه ينزجر بالزجر فيما قبل ذلك.

وأما الثالث وهو: أنه إذا أمسك لم يأكل؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عدي: «إذا أرسلتَ كلبكَ المعلّم وذكرتَ اسم الله عليه فكُل مما أمسكَ عليك. قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل، إلا أن يأكل الكلبُ فإن أكلَ فلا تأكلْ فإني أخافُ أن يكونَ إنما أمسكَ على نفسه» (٢) متفق عليه.

وأما كون عدم (٣) تكرير الأكل من الجارحة لا يعتبر؛ فلأنه تعلم صنعة فلا يعتبر فيه التكرر؛ كسائر الصنائع.

وقد أضاف المصنف رحمه الله ما ذكر في المغني إلى الشريف أبي جعفر وأبي الخطاب. ونقل عن القاضي أنه قال: لعل ذلك ثلاث (٤) مرار. وعلله بأن ترك الأكل يحتمل أن يكون لشبع، ويحتمل أنه لتعلم فلم يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالتكرر وما اعتبر تكراره اعتبر ثلاثاً؛ كالمسح في الاستجمار وعدد الأقراء.


(١) ساقط من أ.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥١٦٦) ٥: ٢٠٨٩ كتاب الذبائح والصيد، باب إذا أكل الكلب.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٩٢٩) ٣: ١٥٢٩ كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة.
(٣) ساقط من أ.
(٤) في أ: ثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>