وأما كون قول: وايم، والله ... إلى آخره يميناً؛ فلأن كل واحد منها مستعمل في القَسم، واستعمال الشيء يدل على كونه حقيقة، وقد تقدم أن النار تقول:«قَطٍ قَطٍ وعِزَّتِك! »(١). رواه البخاري.
قال:(وإن قال: والعهد والميثاق وسائر ذلك ولم يُضفه إلى الله تعالى لم يكن يميناً؛ إلا أن ينوي صفة الله تعالى. وعنه: يكون يميناً).
أما كون ذلك لا يكون يميناً إذا لم ينو قائله صفة الله تعالى على المذهب؛ فلأنه يحتمل غير الله. فلم يكن يميناً؛ كالشيء والموجود.
وأما كونه يميناً إذا نواها؛ فلأن النية تحتمل العهد والميثاق، وسائر ما ذكر على عهد الله وأمانة الله، وذلك يمين. فيجب أن يكون هذا مثله.
وأما كونه يميناً إذا لم ينوها على روايةٍ؛ فلأن ذكر ذلك بالألف واللام يعود إلى المعهود وهو عهد الله وميثاقه.
قال:(وإن قال: لعمر الله كان يميناً. وقال أبو بكر: لا يكون يميناً، إلا أن ينوي).
أما كون قول ما ذكر يميناً على المذهب؛ فلأن ذلك قسم بصفة من صفات الله تعالى. بدليل قوله تعالى:{لعمركَ إنهم لفي سكْرتهم يعمهون}[الحجر: ٧٢].
وقال النابغة:
فلا لعمر الذي قد زرته حججاً ... وما أريق على الأنصاب من جسد
وقال الآخر:
إذا رضيت كرام بني قُشير ... لعَمر الله أعجبني رضاها
وأما كونه لا يكون يميناً إذا لم ينو على قول أبي بكر؛ فلأن قول القائل: لعمر الله إنما يكون يميناً بتقدير خبر محذوف وذلك مجاز، والمجاز لا ينصرف إليه الإطلاق.