للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة. وهي نوعان:

يمين الغموس. وهي: التي يحلف بها كاذباً عالماً بكذبه. وعنه: فيها الكفارة. ومثلها الحلف على مستحيل؛ كقتل الميت وإحيائه، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.

والثاني: لغو اليمين. وهو: أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه. فلا كفارة فيها).

أما كون اليمين على الماضي ليست منعقدة؛ فلأن شرط الانعقاد إمكان البر والحنث، وذلك في الماضي متعذر.

وأما كون اليمين على الماضي نوعين؛ فلأن الحالف تارة يعلم كذب نفسه ويسمى يمينه الغموس؛ لغمسها صاحبها في الإثم، وتارة يظن صدقها ويسمى يمينه لغو اليمين فتنوعت بحسب العلم والظن.

وأما كون اليمين الغموس لا كفارة فيها على المذهب؛ فلما روي عن ابن مسعود أنه قال: «كنا نعد اليمين (١) التي لا كفارة فيها اليمين الغموس».

ولأن اليمين الغموس من الكبائر بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الكبائرُ: الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، وقتلُ النفس، واليمينُ الغموس» (٢). رواه البخاري.

والكبيرة لا تمحوها الكفارة.

وأما كونها فيها الكفارة على روايةٍ؛ فلأنها تجمع الحلف بالله تعالى والمخالفة مع القصد. فوجبت الكفارة فيها؛ كالمستقبلة.

وأما كون الحلف على المستحيل؛ كقتل الميت وإحيائه، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه مثل يمين الغموس في كونها ليست منعقدة ولا كفارة فيها على ما فيها من الخلاف؛ فلاشتراكهما في عدم إمكان البر فيهما.

وقال القاضي: تنعقد موجبة للكفارة في الحال؛ لأنه حلف على فعل هو في المستقبل ولم يفعل فحنث؛ كما لو حلف ليطلقن زوجته فمات قبل طلاقها.


(١) في د: من اليمين. وما أثبتناه من الشرح الكبير ١١: ١٨٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٢٩٨) ٦: ٢٤٥٧ كتاب الأيمان والنذور، باب اليمين الغموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>