للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون من لم ينو لا يحنث حتى يُيأس من فعله؛ فلأن المحلوف على فعله لم يتوقت بوقت معين وفعله بعد ممكن. فلم تحصل مخالفة ما حلف عليه، وذلك يوجب عدم الحنث؛ لأن شرطه المخالفة.

قال: (وإذا حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها استحب له الحنث والتكفير. ولا يستحب تكرار الحلف).

أما كون من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها يستحب له الحنث والتكفير؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلفَ على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتِ الذي هو خيرٌ وليكفر عن يمينه» (١). أمر وأدنى أحواله الاستحباب.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني والله! إن شاء الله لا أحلفُ على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحللتُها» (٢) متفق عليهما.

وعن عائشة رضي الله عنها «أن أبا بكر لم يكن يحنثُ في يمين حتى أنزلَ الله كفارةَ الأيمان فقال: لا أحلفُ على يمين فرأيتُ غيرها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وكفرتُ عن يميني» (٣) أخرجه البخاري.

وأما كون تكرار الحلف لا يستحب؛ فلأن التكرار قد يكثر بحيث يصير مكروهاً كقوله تعالى: {ولا تطع كل حلافٍ مَهين} [القلم: ١٠].

فإن قيل: فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر اليمين. من ذلك: ما روي «أنه قال في خطبة الكسوف: واللهِ! يا أمةَ محمدٍ ما منْ أحدٍ أغيرُ من اللهِ عز وجل أن يزني عبدهُ أو تزني أمتهُ. والله! يا أمةَ محمد لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحكتمْ قليلاً ولبكيتمْ كثيراً» (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٢٤٨) ٦: ٢٤٤٣ كتاب الأيمان والنذور. نحوه.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٦٥٠) ٣: ١٢٧٢ كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يميناً ...
(٢) سبق تخريجه ص: ٤٢٩.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٢٤٧) ٦: ٢٤٤٣ كتاب الأيمان والنذور.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٩٩٧) ١: ٣٥٤ كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٩٠١) ٢: ٦١٨ كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>