للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه: ما روي «أن امرأةً أنصاريةً أتته ومعها أولادها. فقال: والذي نفسي بيدهِ! إنكمْ لأحَبُّ الناس إليّ. قالها ثلاث مرات» (١) متفق عليهما.

ومنه: أنه قال: «لأغزُونَّ قُريشاً» (٢).

قيل: ذلك دليل الجواز لا دليل الاستحباب؛ لأنه لو كان مستحباً لكانت الصحابة تكثر منه؛ لأنهم كانوا يكثرون من فعل المستحب.

ومفهوم كلام المصنف رحمه الله أن تكرار الحلف لا يكره وصرح به في المغني وشرط في ذلك أن لا يبلغ إلى حد الإفراط.

ووجهه: ما تقدم من الأحاديث.

قال: (وإن دُعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب افتداء يمينه، فإن حلف فلا بأس).

أما كون من دُعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق يستحب افتداء يمينه؛ فلما روي «أن عثمان والمقداد تحاكما إلى عمر في مال استقرضه المقداد. فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان. فقال عمر: لقد أنصفك. فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف. فقيل له في ذلك. فقال: خفت أن يوافق قدرَ بلاء فيقال: يمين عثمان».

وأما كونه إذا حلف لا بأس؛ فـ «لأن عمر وأُبيّاً تحاكما إلى زيد في نخل ادعاه أبيّ. فتوجهت اليمين على عمر. فقال زيد: اعف أمير المؤمنين. فقال عمر: ولم تُعف (٣) أمير المؤمنين؟ إن عرفتُ شيئاً استحققته بيميني وإلا تركته. والله الذي لا إله إلا هو إن النخل لنخلي وما لأبيّ فيه حق. فلما خرجا وهبَ النخل لأبيّ. فقيل له: هلا كان هذا قبل اليمين؟ قال: خفتُ أن لا أحلفَ فلا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٢٦٩) ٦: ٢٤٤٩ كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٥٠٩) ٤: ١٩٤٨ كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار رضي الله تعالى عنهم.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٣٢٨٥) ٣: ٢٣١ كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت.
(٣) في د: تعفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>