للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ومن كرَّرَ أيماناً قبل التكفير فعليه كفارة واحدة. وعنه: لكل يمين كفارة. والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة. وإن كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفارة. وإن كانت الأيمان مختلفة الكفارة؛ كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها).

أما كون من كرر أيماناً قبل التكفير عليه كفارة واحدة على الأول؛ فلأن الكفارة حدود بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الحدودُ كفاراتٌ لأهلِها» (١). فوجب أن تتداخل؛ كالحدود.

وأما كونه عليه لكل يمين كفارة على روايةٍ؛ فلأن كل واحدةٍ منهن مثل الأولى.

وأما كون الظاهر أن الأيمان إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة، وإن كانت على أفعال فلكل يمين كفارة؛ فلأنها إذا كانت على فعل واحد متى حنث في إحداها حنث في غيرها فتكون بمنزلة يمين واحدة وعليه فيها كفارة واحدة فكذلك فيما هو بمنزلتها. بخلاف الأيمان على أفعال فإنه لا يكون كذلك فيكون ذلك بمنزلة أيمان مختلفة وعليه فيها كفارات فكذلك فيما هو بمنزلتها.

وفي كلام المصنف رحمه الله إشعار بأن الخلاف المذكور لا يجري في تكرير الأيمان بعد التكفير. وهو صحيح؛ لأن اليمين الأولى كفرتها ثم حصلت اليمين بعدها. فوجب أن يرتب عليها كفارتها؛ كالأولى.

ولأن الحدود تتعدد بتعدد موجبها إذا استوفي الأول قبل فعل الثاني فكذلك هاهنا.

وأما كون الأيمان إذا كانت مختلفة وجب لكل فعل حده. فكذلك الأيمان.


(١) أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: « ... ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ... » (١٨) ١: ١٥ كتاب الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٧٠٩) ٣: ١٣٣٣ كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>