قال المصنف رحمه الله:(إذا حلفَ لا يدخلُ داراً فحُملَ فأُدخِلها ويمكنه الامتناع فلم يمتنع، أو حلفَ لا يستخدمُ رجلاً فخدمه وهو ساكت فقال القاضي: يحنث. ويحتمل أن لا يحنث).
أما كون من حلف لا يدخل داراً فحُملَ فأُدخِلها ويمكنه الامتناع فلم يمتنع يحنث عند القاضي؛ فلأن عدم الامتناع مع القدرة يُذهب معنى الإكراه النافي للحنث.
فإن قيل: فحُملَ فأُدخلَها مشعر بالإكراه فيكون الكلام مفروضاً في الإكراه. فإذا خرج عن أن يكون مكرهاً خرجت المسألة عن أصلها.
قيل: لما كان الحملُ إكراهاً في الصورة أُطلق عليه مُكرهاً فإذا أمكنه الامتناع لم يكن مكرهاً حقيقة.
وتقييد المصنف رحمه الله الحنث بأن يمكنه الامتناع إشعار بأنه إذا لم يمكنه لا يحنث. وهو صحيح نص عليه الإمام أحمد.
قال المصنف في المغني: والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عُفيَ لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهُوا عليه»(١).
ولأن الفعل غير موجود عنه ولا منسوب إليه.
وأما كون من يمكنه الامتناع فلم يفعل يحتمل أن لا يحنث؛ فلأنه مكره صورة. أشبه المكره معنى.
وأما كون من حلف لا يستخدم رجلاً فخدمه وهو ساكت يحنث على قول القاضي؛ فلأن الظاهر أنه قصد اجتناب خدمته ولم يحصل.