للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يحتمل أن لا يحنث؛ فلأنه ما استخدمه. والسكوت لا يدل على الرضى بدليل: ما لو شقّ رجل ثوب رجل وهو ساكت فإن سكوته لا يدل على رضاه، ولهذا يملك الذي شقّ ثوبه مطالبة الذي شقه بقيمة شقه.

قال: (وإن حلف ليشربنّ الماء أو ليضربنّ غلامه غداً فتلف المحلوف عليه قبل الغد حنث عند الخرقي. ويحتمل أن لا يحنث. وإن مات الحالف لم يحنث).

أما كون من حلف بما ذكر يحنث إذا تلف المحلوف عليه قبل الغد عند الخرقي؛ فلأن الحالف لم يفعل المحلوف عليه في وقته وعدم إكراهه ونسيانه. أشبه ما لو حلف ليحجّن هذا العام فلم يقدر على الحج لمرض أو عدم نفقة.

وأما كونه يحتمل أن لا يحنث؛ فلأنه تعذر فعل المحلوف عليه لا من جهته. أشبه المكره والناسي.

والأول أصح؛ لما تقدم.

والفرق بين ما ذكر وبين المكره والناسي: أن الامتناع في الإكراه والنسيان لمعنى فيه، وهاهنا الامتناع في المحل.

وأما كونه لا يحنث إذا مات الحالف؛ فلأن الحنث إنما يحصل بفوات المحلوف عليه في وقته وهو الغد، والحالف قد خرج عن أن يكون من أهل التكليف قبل ذلك فلا يمكن حنثه. وبأهلية الحالف ظهر الفرق بين موت الحالف وبين موت المحلوف عليه؛ لأن في تلف المحلوف عليه أهليّة الحالف باقية فصادف الحنث محله، وفي موت الحالف أهليّته تبطل بموته. فلم يُصادف بالحنث محله.

قال: (وإن حلف ليقضينّه حقه فأبرأه فهل يحنث؟ على وجهين. وإن مات المستحقّ فقضى ورثته لم يحنث، وقال القاضي: يحنث. وإن باعه بحقه عرْضاً لم يحنث عند ابن حامد، وحنث عند القاضي. وإن حلف ليقضينّه حقه عند رأس الهلال فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر برّ).

أما كون من حلف ليقضينّ غريمه حقه فأبرأه يحنث على وجه؛ فلأن الحلف على القضاء، والإبراء ليس بقضاء. بدليل أنه يصح أن يقال: ما قضاني حقي وإنما أبرأته منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>