قال:(الثالث: نذر المباح؛ كقوله: لله عليَّ أن ألبس ثوبي، أو أركب دابتي. فهذا كاليمين يتخير بين فعله وكفارة يمين. فإن نذر مكروهاً؛ كالطلاق استحب أن يكفّر ولا يفعله).
أما كون الثالث من أقسام النذر المنعقد: نذر المباح. والمراد بالمباح هنا ما استوى طرفاه وما ترجح تركه على فعله. فالأول: كلبس الثوب، وركوب الدابة. والثاني: كالطلاق؛ فلما ذكر قبل.
وأما كون الأول؛ كاليمين يتخير بين فعله وكفارة يمين: أما الفعل؛ فلما روي:«أن امرأت أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني نذرتُ أن أضربَ على رأسكَ بالدُّفِ. فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أوفِ بنذرك»(١). رواه أبو داود.
وأما الكفارة ومفهوم كلام المصنف رحمه الله أنه يجوز تركه. وهو صحيح؛ لأن النذر أُجري مجراه في الكفارة. فكذلك يجب أن يجري مجراه في جواز الترك.
وأما الثاني وهو ما ترجح تركه على فعله؛ كالطلاق وسائر ما يكره فعله يستحب أن يكفّر ولا يفعله: أما التكفير؛ فليخرج من عهدة نذره.
وأما عدم الفعل؛ فلأن فعله مكروه، وهو مطلوب العدم.
قال:(الرابع: نذر المعصية؛ كشربِ الخمر، وصوم يوم الحيض ويوم النحر، فلا يجوز الوفاءُ به ويكفر؛ إلا أن ينذر نحرَ ولده ففيه روايتان:
إحداهما: أنه كذلك. والثانية: يلزمه ذبح كبش.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية، ولا يجب به كفارة، ولهذا قال أصحابنا: لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان مُعيّن فله فعله في غيره، ولا كفارة).
أما كون الرابع من أقسام النذر المنعقد: نذر المعصية كما مثّل المصنف رحمه الله؛ فلما ذكر قبل.
(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣١٢) ٣: ٢٣٧ كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر.