للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه لا شيء عليه غيره؛ فلأن المرض والحيض عذر لا يقطع التتابُع. ويخير بين الاستئناف وبين البناء وقضاء ما ترك وكفارة يمين: أما الاستئناف؛ فلأن به يحصل التتابع صورة وحكماً.

وأما البناء؛ فلأن ذلك بقية زمن نذر جميعه.

وأما القضاء؛ فبدل عما أفطره.

وأما الكفارة؛ فلأن العجز لا ينفيها. بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أخت عقبة بن عامر بالكفارة مع عجزها عن المشي.

ولأن النذر كاليمين. ولو حلف ليصومنّ متتابعاً فأخلّ به لزمته الكفارة.

وأما كونه يلزمه الاستئناف إذا أفطر لغير عذر؛ فلأن التتابُع ينقطع بالفطر لغير عذر، وذلك يوجب الاستئناف ضرورة الوفاء بالتتابع.

وأما كونه إذا أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر يلزمه الاستئناف على وجه؛ فلأنه أفطر باختياره. أشبه ما لو أفطر لغير عذر.

وأما كونه لا يلزمه ذلك على وجه؛ فلأن فطره لعذر. أشبه ما لو أفطر لمرض أو حيض. ويجيء على قول الخرقي أنه يخير بين الاستئناف وبين البناء والقضاء والكفارة؛ لما تقدم.

فإن قيل: قد ذكر المصنف رحمه الله المرض فيما يوجب القضاء لا غير، من غير فرق بين الموجب للفطر منه وبين المبيح. ثم حكى فيما يبيح الفطر وجهين فهل يجب تأويل المرض بالمخوف ليكون موجبا للفطر كالمعطوف عليه وهو الحيض، أم يحمل على إطلاقه؟ وعلى تأويله لا إشكال وعلى حمله على إطلاقه ما الفرق بين المرض المبيح وبين السفر المبيح؟

قيل: هو محمول على التأويل المذكور. ويؤيده ما حكاه أبو الخطاب في هدايته. وعلى ظاهر كلام المصنف رحمه الله أن المرض يبيح الفطر مطلقاً سواء كان مخوفاً أو لا، ويؤيده أنه ذكر في المغني عن أبي الخطاب أن المرض غير المخوف؛ كالسفر فيه وجهان، وأنه فرق بين الموجب للفطر وبين المبيح له ثم قال: ولم أرَ هذا عن غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>