للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلى الفرق بين المرض المبيح وبين السفر المبيح على القول بأن السفر يقطع التتابع أن المرض ليس باختياره والسفر يحصل باختياره فناسب أن يقطع السفر التتابع ضرورة أنه من فعله بخلاف المرض.

قال: (وإن نذر صياماً فعجز عنه لكبر أو مرض لا يُرجى برؤه أطعم عنه لكل يومٍ مسكين. ويحتمل أن يكفّر ولا شيء عليه).

أما كون من ذكر يُطعم عنه لكل يوم مسكين على المذهب؛ فلأنه لو عجز عن صوم رمضان كما ذكر لوجب عليه أن يُطعم لكل يوم مسكيناً. فكذلك الصوم المنذور.

وأما كونه يحتمل أن يكفر ولا شيء عليه؛ فلأن موجب النذر عند (١) الإمام أحمد موجب اليمين إلا مع القدرة على الوفاء بنذر الطاعة. ولو حلف ليصومنّ يوماً بعينه فعجز عنه لم يلزمه غير الكفارة فكذلك هاهنا.

قال: (وإن نذر المشي إلى بيت الله أو موضع من الحرم لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة. فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين. وعنه: عليه دم. وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان).

أما كون من نذر المشي إلى بيت الله الحرام لا يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة؛ فلأن المشي المعهود الشرعي.

فإن قيل: يجب المشي عليه.

قيل: يُنظر فيه فإن كان قادراً عليه وجب الوفاء به؛ لأن المشي إلى العبادة أفضل. ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يركب في عيد ولا جنازة. وإن كان عاجزاً جاز له الركوب؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئلَ عن أخت عقبة وقد نذرت المشي إلى بيت الله الحرام قال: لتركب ولتمش» (٢).

فإن قيل: ليس في الحديث أن أخت عقبة بن عامر كانت عاجزة.


(١) في د: على. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١٧٦٧) ٢: ٦٦٠ كتاب الحج، باب من نذر المشي إلى الكعبة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٦٤٤) ٣: ١٢٦٤ كتاب النذر، باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>