للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يستعينُ بالله ويتوكلُ عليه؛ فلأن ذلك ينبغي لكل واحدٍ. فلأن ينبغي للقاضي بطريق الأولى.

وأما كونه يدعو سراً أن يعصمه من الزللِ ويوفقه للصوابِ وما يرضيهِ من القولِ والعملِ؛ فلأن ذلك مطلوب مطلقاً لا سيما في أوقات الحاجة، والقاضي من أشد الناس حاجةً إلى ما ذكر.

وأما كونه يجعلُ مجلسهُ في مكان فسيح كالجامعِ والفضاءِ والدارِ الواسعةِ؛ فليكون ذلك واسعاً على الخصوم وأصحاب المسائل.

وأما كونه يجعلهُ في وسط البلد إن أمكن ذلك؛ فلأنه أقرب للعدل وأمكنُ للخصوم.

قال: (ولا يتخذُ حاجباً ولا بواباً إلا في غير مجلس الحكم إن شاء).

أما كون القاضي لا يتخذُ حاجباً ولا بواباً في مجلس الحكم؛ فلما روي عن أبي مريم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من وليَ من أمور الناس شيئاً وحجبَ دون حاجتهمْ وفاقتهمْ احتجبَ اللهُ عنهُ دونَ حاجتهِ وفاقتهِ وفقره» (١). رواه الترمذي.

ولأن حاجبه ربما قدّم المتأخر وأخّر المتقدم؛ لغرض له، وربما كسرهم بحجبهم والاستئذان لهم.

وأما كونه يتخذُ ذلك في غير مجلس الحكم إن شاء؛ فلأنه قد تدعو حاجته إلى ذلك، ولا مضرة على الخصوم في ذلك؛ لأنه ليس بوقتٍ للحكومة.

قال: (ويعرضُ القصَصَ فيبدأ بالأول فالأول. ولا يقدمُ السابقَ في أكثر من حكومة واحدة. فإن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة).

أما كون القاضي يعرض القَصص؛ فليقضي حوائج أصحابها.

وأما كونه يبدأ بالأول فالأول؛ فلأن الأول سابق والسبق له أثر في التقديم. دليله: ما لو سبق رجل إلى شيء من المباحات فإنه يكون أحق به.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢٩٤٨) ٣: ١٣٥ كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب فيما يلزم الإمام من أمر الرعية والحجبة عنه.
وأخرجه الترمذي في جامعه (١٣٣٢) ٣: ٦١٩ كتاب الأحكام، باب ما جاء في إمام الرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>