للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يقدّمُ السابق في أكثر من حكومة واحدة؛ فلأنه مسبوق بالنسبة إلى الثاني؛ لأن الذي يليه سبقه بالنسبة إلى الدعوى الثانية.

وأما كونه يقدّم أحدهم بالقرعة إذا حضروا دفعة واحدة وتشاحوا؛ فلأنهم تشاحوا في السبق، والقرعة مرجحة. دليله: ما لو أراد الرجل السفر ببعض نسائه.

ولأن القرعة مشروعة للترجيح في غير هذا الموضع فكذا في هذا.

قال: (ويعدل بين الخصمين في لَحْظِه ولَفْظه ومجلسه والدخول عليه، إلا أن يكون أحدهما كافراً فيقدم المسلم عليه في الدخول ويرفعه في الجلوس. وقيل: يسوي بينهما).

أما كون القاضي يعدل بين الخصمين المسلمين أو الكافرين فيما ذكر؛ فلما روي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ابتُليَ بالقضاءِ بين المسلمينَ فليعدل بينهم في لفظهِ وإشارتهِ ومقعده. ولا يرفعن صوتَه على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر» (١).

وفي روايةٍ: «فليسوِّ بينهم في النظر والمجلس والإشارة».

وفي كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه: «واسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا ييأسَ الضعيفُ من عدلكَ، ولا يطمع الشريفُ في حيفِك» (٢).

ولأن الحاكم إذا ميّز أحد الخصمين عن الآخر انكسر الآخر وربما لم تقم حجته فيؤدي ذلك إلى ظلمه.

وأما كونه يقدم المسلم على الكافر في الدخول ويرفعه في الجلوس؛ فلما روى إبراهيم التميمي قال: «وَجَد عليٌ كرم الله وجهه درعهُ مع يهودي. فقال: درعي سقطت وقت كذا. فقال اليهودي: درعي في يدي وبيني وبينكَ قاضي المسلمين. فارتفعا إلى شريح. فلما رآه شريح قام من مجلسه وجلسَ في موضعه وجلس مع اليهودي بين يديه. فقال علي: إن خصمي لو كان مسلماً لجلستُ معه بين يديك


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ١٣٥ كتاب آداب القاضي، باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما ...
(٢) أخرجه البيهقي في الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>