للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تساووهم في المجالس ... وذكر بقية الحديث» (١).

وأما كونه يساوي بينهما أيضاً كالمسلمين على قول؛ فلما تقدم من الحديث في المسلمين.

والأول أولى؛ لحديث علي. وهو واجب التقديم؛ لأنه خاص والخاص يجب تقديمه.

قال: (ولا يسار أحدهما، ولا يلقّنُه حجته، ولا يضيفه، ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين، وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها، وله أن يشفع إلى خصمه ليُنْظِره أو يضع عنه ويزن عنه).

أما كون القاضي لا يسار أحد الخصمين؛ فلأن ذلك كسر قلب صاحبه وربما أدى إلى ضعفه عن إقامة حجته.

وأما كونه لا يلقّنه حجتَه؛ فلأن عليه العدل بينهما، وليس في تلقينه عدل؛ لما فيه من الضَّررِ على صاحبه.

وأما كونه لا يضيفه؛ فلما روي عن علي رضي الله عنه «أنه نزل به رجل. فقال له: ألك خصم؟ قال: نعم. قال: تحوّل عنا. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعهُ خصمه» (٢).

وأما كونه لا يُعلمه كيفية الدعوى في وجه؛ فلأن فيه إعانة له على خصمه.

وأما كونه يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها في وجه؛ فلأن في ترك تعليمه سببًا إلى تأخير حقه وعدم الفصل بينه وبين غريمه.

وأما كونه له أن يشفع إلى خصمه ليُنظره أو يضع عنه؛ فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل غرماء معاذ فيه، ولهذا جاء في الحديث: «لو تُرك أحدٌ من أجل أحد لتُرِكَ معاذ من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم» (١).


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ١٣٦ كتاب آداب القاضي، باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما ...
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ١٣٧ كتاب آداب القاضي، باب لا ينبغي للقاضي أن يضيف الخصم إلا وخصمه معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>