للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه له أن يَزن له عنه؛ فلما روى ابن عباس رضي الله عنه «أن رجلاً رَفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غريماً له فسأل الغريمُ أن يُنظره شهراً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أنظركَ وتحمَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم المالَ عنه».

قال: (وينبغي أن يُحضِر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن، ويشاورهم فيما يُشكلُ عليه. فإن اتضح له حكم وإلا أخّره. ولا يقلّدُ غيره وإن كان أعلم منه).

أما كون القاضي ينبغي له أن يُحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن؛ فلأنه قد تحدث حادثة فيحتاج القاضي إلى سؤالهم عن مذهبهم وأدلتهم ولذلك قال: ويشاورهم فيما يُشكل عليه؛ لأنه إذا شاورهم ذكروا له ما يحضرهم في ذلك فيؤدي ذلك إلى إيضاح العلم له، وحصول الاجتهاد منه.

وأما كونه يحكم إن اتضح له؛ فلأنه متى اتضح له الحكم لم يجز تأخيره؛ لما فيه من تأخير الحق عن موضعه.

وأما كونه يؤخّره إن لم يتضح له؛ فلأن الحكم مع عدم الإيضاح لا يجوز؛ لما فيه من القضاء بجهل، الداخل في الحديث المتقدم ذكره.

وأما كونه لا يقلد غيره وإن كان أعلم منه؛ فلأن المجتهد لا يجوز له تقليد غيره. دليله: المجتهدان في القبلة.

قال: (ولا يقضي وهو غضبان، ولا حاقن، ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج. فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه، وقال القاضي: لا ينفذ. وقيل: إن عرض ذلك بعد فهم الحكم جاز وإلا فلا).

أما كون القاضي لا يقضي وهو غضبان؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحكمُ أحدٌ بين اثنين وهو غضبان» (١) متفق عليه.


(١) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (١٥١٧٧) ٨: ٢٦٨ كتاب البيوع، باب المفلس والمحجور عليه.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٤٨ كتاب التفليس، باب الحجر على المفلس وبيع ماله في ديونه.
(١) سبق تخريجه ص: ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>