للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن استعداه أحد على خصم له أحضره. وعنه: لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلاً).

أما كون القاضي يحضر من استعدي عليه قبل علمه بمعاملة جرت لعين المستعدي والمستعدى عليه على المذهب؛ فلأن في تركه تضييعاً للحقوق وإقراراً للظلم؛ لأنه قد يكون للمستعدي على المستعدى عليه حق من غصبٍ أو وديعةٍ أو عاريةٍ أو غير ذلك، ولا يُعلم بينهما معاملة. فإذا لم يُعد عليه سقط حقه.

وأما كونه لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلاً على روايةٍ؛ فلأنه مروي عن علي رضي الله عنه.

ولأن في إعداء كل مستعدٍ على مستعدى عليه تبذل أهل المروءات، وإهانة ذوي الهيئات. وربما استعدى شخص على من لا حق له عليه؛ ليفتدي المدعى عليه نفسه من حضوره وشر خصمه.

والأول أصح؛ لأن ضرر فوات الحق أعظم من حضور مجلس الحكم.

قال: (وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدّعيه فإن قال: لي عليه دَين من معاملةٍ أو رشوةٍ: راسله. فإن اعترفَ بذلك أمره بالخروج منه. وإن أنكر وقال: إنما يريد تبذيلي، فإن عرف أن لما ادعاه أصلاً أحضره وإلا فهل يحضره؟ على روايتين).

أما كون القاضي المتولي يسأل المستعدي على القاضي قبله عما يدّعيه؛ فلأن في بعض الأحوال يلزمه إحضار القاضي قبله وفي بعضها لا يلزمه. فلم يكن بد من السؤال؛ ليتميز الحال من الحال.

وأما كونه يراسله إذا ادعى المستعدي ديناً أو رشوة؛ فلأن الطريق إلى استخلاص حق المستعدي: إما المراسلة أو الإحضار، والإحضار فيه امتهان القاضي وتبذيله، وتطرق أعدائه مع كثرتهم إلى قصد ذلك. وإذا تعذر الإحضار تعين مراسلته؛ لتعينها إلى استخلاص الحق.

ولم يذكر المصنف رحمه الله في المغني المراسلة إليه بل قال: إن ذكر -يعني المستعدي- أنه يدعي عليه حقاً من دَين أو غصب أعداه عليه كغير القاضي.

والأول أظهر من حيث الدلائل؛ لأنه لا بد من مزية القاضي على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>