للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي «أن عمر حكم في المشرّكة بإسقاط الأخوة من الأبوين. ثم شرّك بينهم بعد، وقال: تلك على ما قضينا وهذا على ما قضينا» (١).

وقضى في الجد بقضايا مختلفة الحال (٢).

وأما كونه ينقض ما خالف نص كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعاً؛ فلأنه حكم لم يصادف شرطه. فوجب نقضه. بيان مخالفة الشرط: أن الشرط الاجتهاد وعدم مخالفة ما ذكر.

ولأنه إذا وجد ذلك فقد فرّط. فوجب نقض حكمه؛ كما لو حكم بشهادة كافرين.

إذا ثبت هذا فظاهر إطلاق المصنف رحمه الله هنا أن القاضي المتولي ينقض حكم القاضي قبله سواء كان من حقوق الله أو حقوق الآدميين. وفي المغني: إن كان الحق لله؛ كالعتاق والطلاق نقضه؛ لأن له النظر في حقوق الله سبحانه، وإن كان يتعلق بحقوق الآدميين لم ينقضه إلا بمطالبة صاحبه؛ لأن الحاكم لا يستوفي حقاً لمن لا ولاية له عليه من غير مطالبة.

وأما كونه ينقض أحكام من لا يصلح للقضاء إذا لم توافق الصحيح؛ فلأن حكمه غير صحيح، وقضاؤه كلا فضاء؛ لعدم شرط القضاء فيه.

ولأن المانع من نقض حكم الصالح للقضاء نقض الاجتهاد بالاجتهاد وهو مفقود هاهنا؛ لأن الأول ليس باجتهاد بحال.

وأما كونه ينقض أحكامه إذا وافقت الصحيح على المذهب؛ فلما ذكر.

وأما كونه يحتمل أن لا ينقض أحكامه الصواب منها؛ فلعدم الفائدة في ذلك. وهذا الاحتمال أصح؛ لما ذكر.

ولأن الحق وصل إلى مستحقه. فلم يجز نقض الحكم به؛ كحكم الصالح للقضاء.


(١) أخرجه الدارمي في سننه (٦٤٨) ١: ١١٢ في المقدمة، باب الرجل يفتي بالشيء ثم غيّره.
(٢) ر. سنن سعيد بن منصور ١: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>