قال:(فإن أقرّ له لم يحكم له حتى يُطالبه المدعي بالحكم. وإن أنكر مثل أن يقول المدعي: أقرضته ألفاً أو بعته فيقول: ما أقرضني ولا باعني، أو ما يستحقُ عليّ ما ادعاه ولا شيئاً منه، أو لا حق له عليّ: صح الجواب).
أما كون الحاكم لا يحكم على المدعى عليه إذا أقر حتى يُطالبه المدعي بالحكم؛ فلأن الحكم على المدعى عليه حق للمدعي. فلم يجز استيفاؤه إلا بمسألة مستحقه.
وأما كون جواب المدعى عليه صحيحاً إذا أنكر بنفي عين ما ادعاه المدعي، مثل أن يقول المدعي: أقرضته ألفاً فيقول المدعى عليه: ما أقرضني ذلك ولا شيئاً منه. أو يقول: بعته فيقول: ما باعني. أو ما أشبه ذلك فلا شبهة فيه؛ لنفيه عين ما ادعي عليه.
وأما كونه صحيحاً إذا أنكر بنفي معنى ما ادعاه؛ مثل أن يقول: أقرضته أو بعته فيقول المدعى عليه: ما يستحق عليّ ما ادعاه ولا شيئاً منه؛ فلأنه يفيد نفي ما ادعى عليه. أشبه ما تقدم.
فإن قيل: لو قال: لا حق له عليّ.
قيل: يكون جوابه أيضاً صحيحاً؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم. فتصير بمنزلة قوله: ما يستحق عليّ ما ادعاه ولا شيئاً منه.
قال:(وللمدعي أن يقول: لي بينة. وإن لم يقل قال الحاكم: ألك بينة؟ . فإن قال: لي بينة أمره بإحضارها، فإذا أحضرها سمعها الحاكم وحكم بها إذا سأله المدعي).
أما كون المدعي له أن يقول: لي بينة؛ فلأن الحق له، والبينة طريق إلى تخليص حقه.
وأما كونه إذا لم يقل ذلك يقول الحاكم له: ألك بينة؟ ؛ فلما روي «أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم حضرمي وكندي. فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا غلبَني على أرضٍ لي. فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي وليسَ له فيها