بالدرّة وقال: خذه لا أمَّ لك وضعه هاهنا ما علمت قد تم. فأخذ أبو سفيان الحجر فوضعه حيث قال عمر. ثم إن عمر استقبل القبلة وقال: الحمدُ لله. اللهم! لكَ الحمدُ حيث لم تمتني حتى غلبت أبا سفيان على رأيه وأذللته لي بالإسلام. فاستقبل القبلة أبو سفيان وقال: اللهم! لك الحمد إذ لم تمتني حتى جعلتَ في قلبي من الإسلام ما أذل به لعمر». فحكم بعلمه.
ولأن الحاكم يحكم بالشاهدين؛ لأنهما يغلبان على الظن. فلأن يحكم بما تيقنه وتحققه أولى.
وأما كون الحاكم يجوز له الحكم بعلمه سواء كان في حدٍ أو غيره؛ فلأن المصحح للحكم المذكور العلم وهو موجود فيهما.
والرواية الأولى أصح؛ لما تقدم.
وأما حديث هند فلم يحكم لها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وإنما أفتاها به بدليل أنه قال ذلك بغير حضور أبي سفيان إذ الحكم على الحاضر في غيبته غير جائز.
وأما حديث عمر فمعارض بما روي عن عمر «أنه تداعى عنده رجلان. فقال أحدهما: أنت شاهدي. فقال: إن شئتما شهدت ولم أحكم، أو أحكم ولا أشهد»(١).
وأما قياس اليقين على الظن فلا يصح؛ لقيام الفرق بينهما. وهو: أن الحكم بعلمه فيه تهمة. بخلاف الحكم بالشهادة.
قال:(وإن قال المدعي: ما لي بينة فالقول قول المنكر مع يمينه. فيعلمه أن له اليمين على خصمه. فإن سأل إحلافه أحلفه وخلى سبيله. وإن أحلفه أو حلف هو من غير سؤال المدعي لم يُعتد بيمينه).
أما كون القول فيما ذكر قول المنكر؛ فلأن الأصل براءة ذمته.
وأما كون ذلك مع يمينه؛ فلاحتمال كون المدعي مُحقاً.
وأما كون الحاكم يُعلم المدعي أن له على خصمه اليمين؛ فلأنه موضع حاجة.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢١٩٢٤) ٤: ٤٤٥ كتاب البيوع، الرجل يدعي شهادة القاضي أو الوالي.