وأما كونها تبطل إذا انكشف ما يفحش؛ فلأن مقتضى الدليل بطلان الصلاة بكشف شيء من العورة ضرورة كون سترها شرطاً لصحة الصلاة. تُرك العمل به في اليسير غير الفاحش للحديث، وللمشقة. فيبقى فيما عداه على مقتضاه.
فإن قيل: ما الفاحش وغير الفاحش؟
قيل: المرجع في ذلك إلى العرف. والعرف يختلف بالعورة المخففة والمغلظة. فقد لا يفحش قدر من الفخذين لو انكشف، ويفحش مثله في الفرجين.
ولا فرق بين الفرجين وغيرهما لأن ذلك في الحديث المحتج به على ذلك وهو قوله:«خرجت منها إستي»(١).
ولأن المشقة المتقدمة موجودة في الفرجين فوجب أن يعفى عن اليسير منهما دفعاً للمشقة.
واليسير المعفو عنه هو ما لا يفحش. صرح به المصنف رحمه الله في المغني وغيره من الأصحاب.
وظاهر كلامه هاهنا أن الذي لا يبطل يسير موصوف بعدم الفحش. وليس الأمر كذلك لأن ذلك يقتضي أن لنا يسيراً موصوفاً بالفحش. ووصف الشيء بصفة يقتضي تجدد فائدة لولاها. وكان الجيد أن يقال: وإذا انكشف من العورة يسير وهو ما لا يفحش كما قال أبو الخطاب. أو يقتصر على يسير كما قال الخرقي. ثم الشارح يبين ما لا يفحش كما فعل المصنف رحمه الله في المغني.
قال:(ومن صلى في ثوب حرير أو مغصوب لم تصح صلاته. وعنه تصح مع التحريم).
أما كون من صلى في ثوب حرير أو مغصوب لا تصح صلاته على المذهب؛ فلأن لبسهما حرام وقد استعملهما في شرط العبادة فلم تصح كالصلاة في الدار المغصوبة.
وأما كونها تصح على روايةٍ مع التحريم؛ فلأن التحريم لا يختص الصلاة، والنهي لا يعود إليها فوجب أن يصح؛ كما لو غسل ثوبه من النجاسة بماء مغصوب، أو صلى وعليه عمامة مغصوبة، أو حرير، أو في يده خاتم ذهب.