للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [فيمن قدر على أخذ حقه]

قال المصنف رحمه الله: (ومن كان له على إنسانٍ حقٌ ولم يمكنه أخذه بالحاكم وقدر له على مال لم يجز أن يأخذ قدر حقه نص عليه، واختاره عامة شيوخنا. وذهب بعضهم من المحدثين إلى جواز ذلك، فإن قدرَ على جنس حقه أخذ بقدره، وإلا قوّمه وأخذ بقدره متحرياً للعدل في ذلك لحديث هند: «خُذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف» (١)، ولقوله عليه السلام: «الرهنُ مركوبٌ ومحلوبٌ» (٢».

أما كون من ذكر إذا قدر على ما ذكر لا يجوز له أن يأخذ قدر حقه على المنصوص واختيار عامة الأصحاب؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أدّ الأمانةَ إلى من ائتمنك، ولا تخنْ من خَانك» (٣). والآخذ بقدر حقه من مال غيره بغير إذنه خائن له فيدخل في الحديث.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل مالُ امرئ مسلمٍ إلا عن طيبِ نفسه» (٤). والمأخوذ على هذا الوجه ليس كذلك؛ لأن المأخوذ على هذا الوجه إن كان من جنس الحق فتعيينه بغير رضى صاحبه لا يجوز. ضرورة أن التعيين إليه، وإن كان من غير جنسه كان معاوضة، والمعاوضة بغير رضى مالك العوض لا تجوز.


(١) سبق تخريجه ص: ٥٤٢.
(٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «الرهن يركب بنفقته ويشرب لبن الدر إذا كان مرهوناً» أخرجه البخاري في صحيحه (٢٣٧٦) ٢: ٨٨٨ كتاب الرهن، باب الرهن مركوب ومحلوب.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٣٥٣٥) ٣: ٢٩٠ كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده.
وأخرجه الترمذي في جامعه (١٢٦٤) ٣: ٥٦٤ كتاب البيوع.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده (٢١١١٩) ٥: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>