للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يجوز له على قول بعض الأصحاب؛ فلما ذكر المصنف رحمه الله من حديث هند، وحديث الرهن.

فعلى هذا يجب أن يتحرّى الآخذ العدل. فإن كان المأخوذ من جنس الحق لا يزيد على ذلك، وإن كان من غير جنسه لا يزيد على حقه؛ لأن الزائد على ذلك لا مقابل له.

والأول أولى؛ لما تقدم.

وأما حديث هند فقد أشار الإمام أحمد إلى الفرق وهو أن حق الزوجة واجبٌ في كل وقت والمحاكمة في كل لحظة تشق. بخلاف من له دينٌ. وفرّق أبو بكر من أصحابنا بفرقٍ آخر وهو أن قيام الزوجية كقيام البينة.

ولأن المرأة لها من التبسط في ماله بحكم العادة ما يؤثر في أخذ الحق وبذل اليد فيه. بخلاف الأجنبي.

قال: (وحكمُ الحاكمِ لا يُزيل الشيء عن صفته في الباطن. وذكر ابن أبي موسى عنه روايةً: أنه يُزيل العقودَ والفسوخ).

أما كون حكمُ الحاكم لا يُزيل الشيء عن صفته في الباطن في غير العقود والفسوخ مثل: أن يشهد شاهدا زورٍ أن لفلان على آخر مائة فيحكُم الحاكم بذلك بناء على ما ظهر له من عدالتهما وما أشبهه بلا خلاف في المذهب؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما أنا بشرٌ وإنكم تختصمون إليّ، ولعلّ بعضكم يكون ألحنَ بحجته من بعضٍ فأقضي له على نحوِ ما أسمع منه. فمن قضيتُ له بشيء من حق أخيهِ فكأنما أقطعُ له قطعةً من النار» (١). متفق عليه.

وأما كونه لا يُزيل في الباطن في العقود والفسوخ؛ مثل: أن يدّعي شخص نكاحاً أو بيعاً ويقيم شاهدَي زورٍ بذلك فيحكُم له الحاكم به ظناً منه أنهما عدلان، أو تدعي امرأة طلاقاً أو فسخ نكاح وتقيم بذلك شاهدي زورٍ فيحكُم


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٧٤٨) ٦: ٢٦٢٢ كتاب الأحكام، باب موعظة الإمام للخصوم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٧١٣) ٣: ١٣٣٧ كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>