وأما كونه فرضاً على الكفاية؛ فلأن الحاجة المذكورة تندفع بشهادة من تقوم به الكفاية.
وأما كونه إذا قام بها من يكفي يسقط عن الباقين وإذا لم يقم بها من يكفي يتعين على من وجد؛ فلأن هذا شأن فرض الكفاية.
وأما كون الأداء فرضاً على الكفاية؛ فلما ذكر في التحمل.
فعلى هذا حكمه حكمُه.
وأما كونه فرض عين على روايةٍ؛ فلأن الله تعالى قال:{ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا}[البقرة: ٢٨٢]، وقال تعالى:{ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثمٌ قلبه}[البقرة: ٢٨٣].
ولأن الشهادة أمانة. فلزم أداؤها عند طلبها؛ كالوديعة، ولقوله تعالى:{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}[النساء: ٥٨].
وقول المصنف رحمه الله: قال الخرقي ... إلى آخره؛ تنبيه على هذه الرواية.
وقال صاحب المستوعب فيه: ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه فرض عين؛ لعموم القرآن. يعني ما تقدم من الآيات.
قال:(ولا يجوز لمن تعينت عليه أخذ الأجرة عليها، ولا يجوز ذلك لمن لم تتعين عليه في أصح الوجهين).
أما كون أخذ الأجرة لا يجوز لمن لم تتعين عليه في أصح الوجهين؛ فلأنه أخذ أجرة عن فرض؛ لأن فرض الكفاية إذا قام به البعض وقع منهم فرضاً.
وأما كونه يجوز في وجه؛ فلأن النفقة على عياله فرض عين. فلا يشتغل عنه بفرض الكفاية.
وقال المصنف رحمه الله في المغني: من له كفاية ليس له أخذ الجُعل -يعني الأجرة -، ومن ليس له كفاية ولا تعينت عليه احتمل ذلك -يعني الجواز-، واحتمل أن لا يجوز.
قال: (ومن كانت عنده شهادة في حدٍّ لله أُبيح إقامتها ولم تستحب، وللحاكم أن يُعَرِّض لهم بالوقوف عنها في أحد الوجهين. ومن كانت عنده شهادة لآدمي