للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيهما: مختلف فيه وهو باقي الصور، وذلك كله يثبت بالاستفاضة في مذهب الإمام أحمد؛ لأن العلم في ذلك كله يتعذر غالباً. أشبه النسب.

فإن قيل: بعض الأشياء المذكورة يمكن العلم به بمشاهدة سببه.

قيل: الجواب من وجهين:

أحدهما: أن الإمكان لا ينافي التعذر غالباً.

وثانيهما: أن وجود السبب لا يعلم به المسبب قطعاً، وذلك أن الشاهد إذا رأى شخصاً يبيع شيئاً فقد شاهد السبب، والسبب غير مقطوع به يجوز أن يكون غير مملوك للبائع.

قال: (ولا تُقبل الاستفاضة إلا من عددٍ يقع العلم بخبرهم في ظاهر كلام أحمد والخرقي، وقال القاضي: تُسمع من عدلين فصاعداً).

أما كون الاستفاضة لا تُقبل في ظاهر كلام الإمام أحمد إلا من عددٍ يقع العلم بخبرهم؛ فلأن لفظ الاستفاضة مأخوذ من فيض الماء؛ لكثرته، وذلك يستدعي كثرة القائل بذلك.

وأما كونها تُسمع من عدلين فصاعداً في قول القاضي؛ فلأن الثابت بها حق من الحقوق. فوجب أن تسمع من عدلين؛ كسائر الحقوق.

قال: (وإن سمع إنساناً يقرّ بنسب أبٍ أو ابن فصدقه المقر له جاز إن شهد له به. وإن كذبه لم يشهد. وإن سكت جاز أن يشهد. ويحتمل أن لا يشهد حتى يتكرر).

أما كون من سمع إنساناً يقر بنسب أبٍ أو ابن فصدقه المقر له يجوز أن يشهد له به؛ فلِتوافُق المقر والمقر له على ذلك.

وأما كونه لا يجوز أن يشهد له إذا كذبه المقر له؛ فلأنه لو أقر شخصٌ لشخصٍ بمال فكذبه المقر له لم يثبت ولم يجز لمن سمعه أن يشهد له. فلأن لا تجوز الشهادة بذلك في النسب بطريق الأولى.

وأما كونه يجوز أن يشهد إذا سكت المقر له على المذهب؛ فلأن سكوته دليل على تصديقه. أشبه ما لو صدقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>