فشهد الثلاثة على الاثنين أنهما غرَّقاه، وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرَّقوه، فجعل على الاثنين ثلاثة أخماس الدية، وعلى الثلاثة خمسيها» (١). وقضى بنحو هذا مسروق.
قال:(الثاني: العقل. فلا تُقبل شهادة معتوهٍ ولا مجنونٍ إلا من يخنق في الأحيان إذا شهد في إفاقته).
أما كون الثاني من شروط من تقبل شهادته: العقل؛ فلأن من لا عقل له لا يمكنه تحمل الشهادة ولا أداؤها؛ لأنه لا يعقل ذلك إلا بضبط الشهادة.
وأما كون شهادة المعتوه لا تقبل؛ فلأنه لا عقل له.
وأما كون شهادة مجنون مطبق لا تقبل؛ فلأنه لا عقل له.
وأما كون من يخنق في الأحيان تقبل شهادته إذا شهد في إفاقته؛ فلأن المصحح لشهادة من لم يجن أصلاً موجود فيمن ذكر. فوجب إلحاقه به.
واشترط المصنف رحمه الله في ذلك: أن يشهد في إفاقته؛ ليخرج من شهد في جنونه.
ولا بد فيه أيضا أن يكون تحمل في وقت إفاقته؛ لأنه تحمله في جنونه لا يصح؛ لأنه لا يمكنه الضبط.
قال:(الثالث: الكلام. فلا تُقبل شهادة الأخرس. ويحتمل أن تقبل فيما طريقه الرؤية إذا فُهمت إشارته).
أما كون الثالث من شروط من تقبل شهادته: الكلام؛ فلأنه يلي الثاني.
وأما كون الكلام من شروط ذلك؛ فلأن الشهادة يُعتبر فيها اليقين، وذلك لا يحصل مع فقد الكلام.
وأما كون شهادة الأخرس لا تقبل؛ فلأن شرط القبول الكلام ولم يوجد.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٧٨٦٤) ٥: ٤٤٧ كتاب الديات، القوم يدفع بعضهم بعضاً في البئر أو الماء.