للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الإشارة لو اكتفي بها معه الخرس لوجب أن يكتفى بها مع النطق؛ لأنها إن كانت محصّلة للمطلوب شرعاً فهي موجودة فيهما، وإشارة الناطق لا يحكم بها وفاقاً فكذلك إشارة الأخرس.

فإن قيل: قد اكتفي بإشارته في وصيته وطلاقه وإقراره وسائر أحكامه فكذلك يجب أن يكون هاهنا.

قيل: إنما اكتفي بذلك للضرورة، ولا ضرر بذلك في قبول شهادته.

فإن قيل: في الحديث «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى جالساً فصلى من خلفهُ قياماً فأشارَ إليهم أن اجْلِسُوا» (١)، ولو لم تكن الإشارة كافيةً لما كان الأمر كذلك؟ .

قيل: الشهادة تفارق ما ذكر بدليل: أن الإشارة اكتُفي بها من النبي صلى الله عليه وسلم مع كونه ناطقاً، ولو تعدى ذلك إلى الشهادة لاكتفى بالإشارة من الناطق وذلك منتفٍ إجماعاً.

وأما كونها يحتمل أن تقبل فيما طريقه الرؤية إذا فُهمت إشارته؛ فلأن اليقين حاصل في التحمل، وإشارة المؤدي العاجز عن النطق؛ كنطقه. دليله: الأحكام المتقدم ذكرها. وفارق ما طريقه السماع من حيث إن الأخرس غالباً يكون أصم فيقع الخلل في التحمل.

والأول أولى؛ لأن الكلام شرط في القبول ولم يوجد.

قال: (الرابع: الإسلام. فلا تُقبل شهادة كافر إلا أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم، وحضر الموصي الموت فتقبل شهادتهم، ويحلفهم الحاكم بعد العصر: لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله، وأنها لوصية الرجل، فإن عُثر على أنهما استحقا إثماً قام آخران من أولياء الموصي فحلفا بالله لشهادتُنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما، ويقضي لهم. وعنه: أن شهادة بعض أهل الذمّة تقبل على البعض. والأوّل المذهب).

أما كون الرابع من شروط من تقبل شهادته: الإسلام؛ فلأن الله تعالى قال: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة: ٢٨٢]، وقال: {وأشهدوا ذوي عدل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٥٦) ١: ٢٤٤ كتاب الجماعة والإمامة، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٤١٢) ١: ٣٠٩ كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>