للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم} [الطلاق: ٢]، وقال: {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: ٢٨٢]. ومن فقد الإسلام فليس من رجالنا، ولا منّا، ولا ممن نرضاه.

وأما كون شهادة الكافر بغير الوصية في السفر لا تُقبل؛ فلأن شرطها الإسلام ولم يوجد.

وأما كون شهادته بالوصية في السفر بالشروط التي ذكرها المصنف تقبل ويحلفه الحاكم على الوجه المتقدم ذكره؛ فلأن الله عز وجل قال: {يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بينِكم إذا حضر أحدكم الموتُ حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبةُ الموت} [المائدة: ١٠٦].

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قضوا بذلك. فروى ابن عباس قال: «خرجَ رجلٌ من بني سهمٍ مع تميمٍ الداري وعدي بن زيد، فماتَ السهمي بأرضٍ ليس بها مسلمٍ، فلما قدما بتركته فقدوا جامَ فضةٍ مُخَوَّصًا بالذهب. فأحلفهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. ثم وجدوا الجامَ بمكة. فقالوا: اشتريناهُ من تميم وعدي. فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا: لشهادتُنا أحق من شهادتهما وإن الجامَ لصاحبهم. فنزلت فيهم: {يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بينكم إذا حضر أحدكم الموت ... الآية} [المائدة: ١٠٦]» (١).

وعن الشعبي «أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقُوقاء (٢) ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته. فأشهد رجلين من أهل الكتاب. فقدما الكوفة. فأتيا الأشعري فأخبراه وقدما بتركته ووصيته. فقال الأشعري: هذا أمرٌ (٣) لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأحلفهما بعد العصر ما


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٦٢٨) ٣: ١٠٢٢ كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة ... الآية}.
وأخرجه أبو داود في سننه (٣٦٠٦) ٣: ٣٠٧ كتاب الأقضية، باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر.
(٢) دقوقاء: بلد بين بغداد وإربل.
(٣) في د: ليس. وما أثبتناه من السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>